٢٠٣٨ - «وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ سَأَلَهُ أَوْ سَأَلَ رَجُلًا وَعِمْرَانَ يَسْمَعُ فَقَالَ: " يَا أَبَا فُلَانٍ أَمَا صُمْتَ مِنْ سَرَرِ شَعْبَانَ؟ " قَالَ: لَا، قَالَ: " فَإِذَا أَفْطَرْتَ فَصُمْ يَوْمَيْنِ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٢٠٣٨ - (وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ) أَيِ: النَّبِيُّ (سَأَلَهُ) أَيْ: عِمْرَانَ (أَوْ سَأَلَ رَجُلًا) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي (وَعِمْرَانُ يَسْمَعُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (فَقَالَ) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " يَا أَبَا فُلَانٍ أَمَا صُمْتَ " الْهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهَامِ وَمَا نَافِيَةٌ " مِنْ سَرَرِ شَعْبَانَ " بِفَتْحِ السِّينِ وَيُكْسَرُ وَكَذَا السِّرَارِ عَلَى مَا فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، قَالَ شَاعِرُهُمْ:
شُهُورٌ يَنْقَضِينَ وَمَا شَعُرْنَا ... لِأَنْصَافٍ لَهُنَّ وَلَا سِرَارِ
أَيْ: آخِرُهُ، فِي الْقَامُوسِ السَّرَارُ كَسَحَابٍ مِنَ الشَّهْرِ آخِرُ لَيْلَةٍ مِنْهُ، كَسَرَرِهِ وَسِرَرِهِ، وَفِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: هُوَ آخِرُ لَيْلَةٍ لِسَتْرِ الْهِلَالِ بِنُورِ الشَّمْسِ، قَالَ السُّيُوطِيُّ: قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ: الصَّحِيحُ أَنَّ سَرَرَهُ: آخِرُهُ، وَأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْيَوْمَ أَوِ الْيَوْمَيْنِ الَّذِي يُسْتَرُ الْقَمَرُ، وَقَالَ الْفَارِسِيُّ: إِنَّهُ الْأَشْهُرُ، وَقِيلَ: رُوِيَ: صُومُوا الشَّهْرَ وَسِرَّهُ، فَقِيلَ: أَوَّلُهُ، وَقِيلَ: مُسْتَهَلُّهُ، وَقِيلَ: وَسَطُهُ، وَسِرُّ كُلِّ شَيْءٍ جَوْفُهُ، قَالَ الْفَارِسِيُّ: وَقَالَ رُوِيَ هَلْ صُمْتَ مِنْ سُرَّةِ هَذَا الشَّهْرِ؟ كَأَنَّهُ أَرَادَ وَسَطَهُ لِأَنَّ السُّرَّةَ وَسَطُ قَامَةِ الْإِنْسَانِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: السَّرَرُ لَيْلَتَانِ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ، سُمِّيَ الْيَوْمَانِ الْأَخِيرَانِ مِنَ الشَّهْرِ سَرَرًا وَسِرَارًا لِاسْتِتَارِ الْقَمَرِ فِي لَيْلَتِهِمَا (قَالَ: لَا، قَالَ: " فَإِذَا أَفْطَرْتَ ") أَيِ: الْيَوْمَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ مِنْ شَعْبَانَ، وَقِيلَ: إِذَا فَرَغْتَ مِنْ رَمَضَانَ " فَصُمْ يَوْمَيْنِ " لِقَضَائِهِمَا أَوْ بَدَلًا عَنْهُمَا وَهُوَ أَمْرُ نَدْبٍ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ حَقِيقَةَ التَّعْقِيبِ وَإِلَّا فَالْأَمْرُ وُجُوبٌ عَلَى التَّوَسُّعِ فِي الْبُعْدِيَّةِ، قَالُوا: كَانَ هَذَا الرَّجُلُ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ صَوْمَ يَوْمَيْنِ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ بِنَذْرٍ، فَلَمَّا فَاتَهُ قَالَ لَهُ: " «إِذَا أَفْطَرْتَ مِنْ رَمَضَانَ فَصُمْ يَوْمَيْنِ» "، وَقِيلَ: لَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ عَادَةً لَهُ فَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ صِيَامَهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ قَبْلَ رَمَضَانَ، فَلَمَّا فَاتَهُ اسْتَحَبَّ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَقْضِيَهُ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَمِمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى وُجُوبِ يَوْمِ الشَّكِّ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ لِرَجُلٍ: " «هَلْ صُمْتَ مِنْ سَرَرِ شَعْبَانَ " قَالَ: لَا، قَالَ: " فَإِذَا أَفْطَرْتَ فَصُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ» " وَفِي لَفْظٍ فَصُمْ يَوْمًا، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، وَإِنَّهُ صَوْمُ دَاوُدَ» "، وَسِرَارُ الشَّهْرِ آخِرُهُ لِاسْتِتَارِ الْقَمَرِ فِيهِ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَغَيْرُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ السِّرَارَ قَدْ يُقَالُ عَلَى الثَّلَاثِ الْأَخِيرَةِ مِنْ لَيَالِي الشَّهْرِ، لَكِنْ دَلَّ قَوْلُهُ (صُمْ يَوْمًا) عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ صَوْمُ آخِرِهَا لَا كُلِّهَا، وَإِلَّا قَالَ: صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مَكَانَهَا، وَكَذَا قَوْلُهُ (مِنْ سَرَرِ الشَّهْرِ) لِإِفَادَةِ التَّبْعِيضِ، وَعِنْدَنَا هَذَا يُفِيدُ اسْتِحْبَابَ صَوْمِهِ لَا وُجُوبَهُ لِأَنَّهُ مُعَارَضٌ بِنَهْيِ التَّقَدُّمِ بِصِيَامِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فَيُحْمَلُ عَلَى كَوْنِ الْمُرَادِ التَّقَدُّمَ بِصَوْمِ رَمَضَانَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ، وَهُوَ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ وَيَصِيرُ حَدِيثُ السَّرَرِ لِلِاسْتِحْبَابِ اهـ. يَعْنِي لِلْخَوَاصِّ مَخْفِيًّا عَنِ الْعَوَامِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute