للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٤٠ - «- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا الْيَوْمَ: يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَهَذَا الشَّهْرُ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ» ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٢٠٤٠ - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَحَرَّى) التَّحَرِّي طَلْبُ الْأَحْرَى وَالْأَوْلَى، وَقِيلَ: التَّحَرِّي طَلْبُ الصَّوَابِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي طَلَبِ شَيْءٍ (صِيَامَ يَوْمٍ) مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ مَا رَأَيْتُهُ يُبَالِغُ فِي الطَّلَبِ وَيَجْتَهِدُ فِي صِيَامِ يَوْمٍ (فَضَّلَهُ) بِتَشْدِيدِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ (عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا الْيَوْمَ) أَيْ صِيَامَهُ (يَوْمَ عَاشُورَاءَ) بَدَلٌ أَوْ مَنْصُوبٌ بِتَقْدِيرِ أَعْنِي، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَهُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنَ الْمُحَرَّمِ، قِيلَ: لَيْسَ فَاعُولَاءُ بِالْمَدِّ فِي كَلَامِهِمْ غَيْرَهُ وَقَدْ يَلْحَقُ بِهِ تَاسُوعَاءُ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ أُخِذَ مِنَ الْعَشْرِ الَّذِي هُوَ إِظْمَاءُ الْإِبِلِ وَلِهَذَا زَعَمُوا أَنَّهُ يَوْمُ التَّاسِعِ، وَالْعَشْرُ مِمَّا بَيْنَ الْوِرْدَيْنِ، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ وَإِنَّمَا جُعِلَ التَّاسِعُ لِأَنَّهَا إِذَا وَرَدَتِ الْمَاءَ ثُمَّ لَمْ تَرِدْ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ فَوَرَدَتِ التَّاسِعَ فَذَلِكَ الْعَشْرُ، وَوَرَدَتْ تِسْعًا إِذَا وَرَدَتِ الْيَوْمَ الثَّامِنَ، وَفُلَانٌ يُحَمُّ رَبْعًا إِذَا حُمَّ الْيَوْمَ الثَّالِثَ، وَعَاشُورَاءُ مِنْ بَابِ صِفَةٍ لَمْ يَرِدْ لَهَا فِعْلٌ، وَالتَّقْدِيرُ يَوْمٌ مُدَّتُهُ عَاشُورَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ وَالتَّعْظِيمِ اهـ أَيْ عَاشِرٌ وَأَيُّ عَاشِرٍ (وَهَذَا الشَّهْرَ) بِالنَّصْبِ أَيْ أَيَّامَهُ عَطْفٌ عَلَى هَذَا الْيَوْمِ (يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ) تَفْسِيرٌ مِنَ الرَّاوِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهَذَا مِنْ بَابِ التَّرَقِّي أَوْ تَقْدِيمِهِ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ أَوْ لِتَقْدِيمِهِ فِي أَصْلِ وُجُوبِ الصَّوْمِ، أَوْ لِكَوْنِهِ مِنْ أَوَّلِ السَّنَةِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ " فَضَّلَهُ " فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَصَابِيحِ (فَضْلُهُ) بِسُكُونِ الضَّادِ، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ شَرْحِ السُّنَّةِ: مَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَحَرَّى صَوْمَ يَوْمٍ يُبْتَغَى فَضْلُهُ إِلَّا صِيَامَ رَمَضَانَ، وَهَذَا الْيَوْمُ عَاشُورَاءُ، فَقِيلَ: فَضْلُهُ بَدَلٌ مِنْ صِيَامٍ أَيْ يَتَحَرَّى فَضْلَ صِيَامِ يَوْمٍ عَلَى غَيْرِهِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُبْدَلَ مِنْهُ لَيْسَ نِيَّةَ الطَّرْحِ دَائِمًا، قَالَ الْمُظْهِرُ: هَذَا الْمُبْدَلُ مِنْهُ هُنَا لَيْسَ فِي حُكْمِ الْمُتَنَحِّي لِاسْتِدْعَاءِ الضَّمِيرِ مَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ نَحْوُ قَوْلِكَ: زَيْدًا رَأَيْتُ غُلَامَهُ صَالِحًا أَيْ مَا رَأَيْتَهُ يُبَالِغُ فِي تَفْضِيلِ يَوْمٍ عَلَى يَوْمٍ إِلَّا عَاشُورَاءَ وَرَمَضَانَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ رَمَضَانَ فَرِيضَةٌ، وَقَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: يُسْتَحَبُّ صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ مَا لَمْ يُظَنَّ إِلْحَاقُهُ بِالْوَاجِبِ اهـ وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: الْأَصَحُّ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ أَصْلًا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ، إِنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ مَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ، فَمَدْفُوعٌ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ أَنْ أَذِّنْ فِي النَّاسِ أَنَّ مَنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ فَلْيَصُمْ، فَإِنَّ الْيَوْمَ عَاشُورَاءُ» ، وَكَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُومُهُ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ» "، فَهَذَا صَرِيحٌ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ، وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَمْرَ إِيجَابٍ قَبْلَ نَسْخِهِ بِرَمَضَانَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>