إِذَا لَا يُؤْمَرُ مَنْ أَكَلَ بِإِمْسَاكٍ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ إِلَّا فِي يَوْمٍ مَفْرُوضِ الصَّوْمِ بِعَيْنِهِ، وَفِيهِ بَيَانٌ وَاضِحٌ أَنَّ مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَوَّلًا إِنَّمَا كَانَ وُقُوعُهُ آخِرًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَعَاشُورَاءُ كَانَتْ فَرِيضَةً ثُمَّ نُسِخَتْ بِرَمَضَانَ، يَعْنِي وَلَا شَكَّ أَنَّ سُنَّةً كَانَتْ فَرِيضَةً أَفْضَلُ مِنْ سُنَّةٍ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ، كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، ثُمَّ قَالَ الطِّيبِيُّ: وَفِي أَكْثَرِ النُّسَخِ فَضَّلَهُ بِتَشْدِيدِ الضَّادِ فَقِيلَ: بَدَلٌ مِنْ يَتَحَرَّى، وَالْحَمْلُ عَلَى الصِّفَةِ أَوْلَى لِأَنَّ هَذَا الْيَوْمَ مُسْتَثْنًى، وَلَا بُدَّ مِنْ مُسْتَثْنًى مِنْهُ وَلَيْسَ هَا هُنَا إِلَّا قَوْلُهُ (يَوْمٍ) ، وَهُوَ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الْعُمُومِ، وَالْمَعْنَى: مَا رَأَيْتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَحَرَّى فِي صِيَامِ يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ صِفَتُهُ أَنَّهُ مُفَضَّلٌ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا صِيَامَ هَذَا الْيَوْمِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَتَحَرَّى فِي تَفْضِيلِ صِيَامِهِ مَا لَمْ يَتَحَرَّ فِي تَفْضِيلِ غَيْرِهِ، وَهَذَا الشَّهْرُ عَطْفٌ عَلَى هَذَا الْيَوْمِ، وَلَا يَسْتَقِيمُ إِلَّا بِالتَّأْوِيلِ، إِمَّا أَنْ يُقَدَّرَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَصِيَامُ شَهْرٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ مِنَ اللَّفِّ التَّقْدِيرِيِّ وَإِمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ فِي الشَّهْرِ أَيَّامُهُ يَوْمًا فَيَوْمًا مَوْصُوفًا هَذَا الْوَصْفَ اهـ قِيلَ: لَعَلَّ هَذَا عَلَى فَهْمِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِلَّا فَيَوْمُ عَرَفَةَ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ، وَدُفِعَ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي فَضْلِ الصَّوْمِ فِي الْيَوْمِ لَا فِي فَضْلِ الْيَوْمِ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّ الْيَوْمَ أَيْضًا مُخْتَلَفٌ فِيهِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute