٢٠٤٥ - وَعَنْهُ قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صَوْمِ الِاثْنَيْنِ فَقَالَ: " فِيهِ وُلِدْتُ وَفِيهِ أُنْزِلَ عَلَيَّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
٢٠٤٥ - (وَعَنْهُ) أَيْ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ (قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صَوْمِ الِاثْنَيْنِ) أَيْ يَوْمِهِ هُوَ بِهَمْزَةِ الْوَصْلِ وَإِنَّمَا نَبَّهْتُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ يَقْرَءُونَهُ بِقَطْعِ الْوَصْلِ، وَلَا يَعْرِفُ الْفَصْلَ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالْوَصْلِ بَلْ وَلَا يَدْرِي كَيْفِيَّةَ الِابْتِدَاءِ مَعَ ادِّعَائِهِ الِانْتِمَاءَ إِلَى الِانْتِهَاءِ، ثُمَّ السُّؤَالُ يَحْتَمِلُ احْتِمَالَيْنِ، أَنْ يَكُونَ مِنْ كَثْرَةِ صِيَامِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِيهِ، وَأَنْ يَكُونَ مِنْ مُطْلَقِ الصِّيَامِ وَخُصُوصِ فَضْلِهِ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ " فَقَالَ: فِيهِ وُلِدْتُ وَفِيهِ أُنْزِلَ " أَيِ الْوَحْيُ " عَلَيَّ " يَعْنِي حَصَلَ لِي فِيهِ بَدْءُ الْكَمَالِ الصُّورِيِّ وَطُلُوعِ الصُّبْحِ الْمَعْنَوِيِّ، الْمَقْصُودُ الظَّاهِرِيُّ وَالْبَاطِنِيُّ، وَالتَّفَضُّلُ الِابْتِدَائِيُّ وَالِانْتِهَائِيُّ، فَوَقْتٌ يَكُونُ مَنْشَأً لِلنِّعَمِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْأُخْرَوِيَّةِ حَقِيقٌ بِأَنْ يُوجَدَ فِيهِ الطَّاعَةُ الظَّاهِرِيَّةُ وَالْبَاطِنِيَّةُ فَيَجِبُ شُكْرُهُ - تَعَالَى - عَلَيَّ، وَالْقِيَامُ بِالصِّيَامِ لَدَيَّ، لِمَا أَوْلَى مِنْ تَمَامِ النِّعْمَةِ إِلَيَّ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: اخْتِيَارًا لِلِاحْتِمَالِ الثَّانِي أَيْ فِيهِ وُجُودُ نَبِيِّكُمْ، وَفِيهِ نَزَلَ كِتَابُكُمْ، وَثُبُوتُ نُبُوَّتِهِ، فَأَيُّ يَوْمٍ أَوْلَى بِالصَّوْمِ مِنْهُ، فَاقْتَصَرَ عَلَى الْعِلَّةِ أَيْ سُئِلَ عَنْ فَضِيلَتِهِ لِأَنَّهُ لَا مَقَالَ فِي صِيَامِهِ، فَهُوَ مِنَ الْأُسْلُوبِ الْحَكِيمِ اهـ وَفِيهِ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ السُّؤَالَ عَنِ الْعِلَّةِ فَيُطَابِقُ الْجَوَابُ السُّؤَالَ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ السُّؤَالُ عَنْ نَفْسِ الصَّوْمِ فَالْمَعْنَى هَلْ فِيهِ فَضْلٌ، فَحِينَئِذٍ مَا ذَكَرَهُ أَيْضًا فَصْلُ الْخِطَابِ لَا مِنَ الْأُسْلُوبِ الْحَكِيمِ فِي الْحَوَادِثِ، وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الزَّمَانَ قَدْ يَتَشَرَّفُ بِمَا يَقَعُ فِيهِ، وَكَذَا الْمَكَانُ، وَلِذَا قِيلَ: شَرَفُ الْمَكَانِ بِالْمَكِينِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute