للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٦٨ - وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُومُ يَوْمَ السَّبْتِ وَيَوْمَ الْأَحَدِ أَكْثَرَ مَا يَصُومُ مِنَ الْأَيَّامِ، وَيَقُولُ: " إِنَّهُمَا يَوْمَا عِيدٍ لِلْمُشْرِكِينَ فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أُخَالِفَهُمْ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ.

ــ

٢٠٦٨ - (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ) أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ (قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُومُ يَوْمَ السَّبْتِ وَيَوْمَ الْأَحَدِ أَكْثَرَ مَا يَصُومُ مِنَ الْأَيَّامِ) أَيِ الْأُخَرِ (وَيَقُولُ: إِنَّهُمَا يَوْمَا عِيدٍ لِلْمُشْرِكِينَ) السَّبْتُ لِلْيَهُودِ وَالْأَحَدُ لِلنَّصَارَى، وَإِنَّمَا سُمُّوا مُشْرِكِينَ لِقَوْلِهِمْ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَالْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَإِمَّا لِلتَّغْلِيبِ، وَأَرَادَ مَنْ يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ مِنَ الْكُفَّارِ، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: الْمُشْرِكُ الْكَافِرُ عَلَى أَيِّ مِلَّةٍ كَانَ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى مُقَابِلِ أَهْلِ الْكِتَابِ اهـ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُشْرِكَ ضِدُّ الْمُوَحِّدِ بِأَنْ يُثْبِتَ شَرِيكًا لِلْبَارِي سَوَاءً كَانَ الصَّنَمَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْكَوْكَبَ وَغَيْرَهَا، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى جِنْسِ الْكَافِرِ الشَّامِلِ لِلدَّهْرِيَّةِ وَالْمُعَطِّلَةِ وَغَيْرِهِمْ وَمِنْهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى - {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: ٤٨] وَيُقَابِلُ أَهْلَ الْكِتَابِ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى - {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [البينة: ١] (فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أُخَالِفَهُمْ) أَيْ مَجْمُوعَ الْفَرِيقَيْنِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَدِيثِ السَّابِقِ مِنَ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَلِكَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ أُمَّتِهِ، وَيُشِيرُ إِلَى الْأَوَّلِ قَوْلُهُ فَأَنَا أُحِبُّ وَإِلَى الثَّانِي قَوْلُهُ لَا تَصُومُوا، أَوِ الصِّيَامُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ كَوْنُهُ عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ، وَالصِّيَامُ الْمَحْبُوبُ كَوْنُهُ عَلَى طَرِيقِ الْمُخَالَفَةِ بِتَرْكِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي وَقْتِ انْتِفَاعِهِمْ بِهِمَا، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ إِفْرَادَ السَّبْتِ، وَفِي مَعْنَاهُ إِفْرَادُ الْأَحَدِ الْمُسْتَحَبِّ صَوْمُهُمَا جَمِيعًا مُتَوَالِيَيْنِ تَحْقِيقًا لِمُخَالَفَةِ الْفَرِيقَيْنِ، عَلَى أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُفْطِرُونَ الْيَوْمَيْنِ بِخِلَافِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، فَتَأَمَّلْ (رَوَاهُ أَحْمَدُ) قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ، وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَلَفْظُهُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْثَرُ مَا كَانَ يَصُومُ مِنَ الْأَيَّامِ يَوْمَ السَّبْتِ وَيَوْمَ الْأَحَدِ، كَانَ يَقُولُ: " إِنَّهُمَا يَوْمُ عِيدٍ لِلْمُشْرِكِينَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَهُمْ» ".

<<  <  ج: ص:  >  >>