٢٠٦٩ - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُ بِصِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَيَحُثُّنَا عَلَيْهِ، وَيَتَعَاهَدُنَا عِنْدَهُ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ لَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا عَنْهُ، وَلَمْ يَتَعَاهَدْنَا عِنْدَهُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
٢٠٦٩ - (وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُ) أَيْ يَأْمُرُنَا أَمْرًا مُؤَكَّدًا بِصِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَيَحُثُّنَا عَلَيْهِ أَيْ يُرَغِّبُنَا إِلَيْهِ (وَيَتَعَاهَدُنَا) أَيْ يَحْفَظُنَا وَيُرَاعِي حَالَنَا وَيَتَفَحَّصُ عَنْ صَوْمِنَا أَوْ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ (عِنْدَهُ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ لَمْ يَأْمُرْنَا) أَيْ بِهِ (وَلَمْ يَنْهَنَا عَنْهُ، وَلَمْ يَتَعَاهَدْنَا) أَيْ وَلَمْ يَتَفَقَّدْنَا (عِنْدَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فِي قَوْلِهِ يَأْمُرُ بِالصِّيَامِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ كَانَ وَاجِبًا ثُمَّ نُسِخَ، وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ أَصْلًا لِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ عَامَ حَجَّ خَطَبَ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " «هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يَكْتُبِ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ» "، فَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ أَصْلًا اهـ. وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ دَلَالَةٌ مَا عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ إِلَّا حِينَ قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَّا كَوْنُ مَا بَعْدَهُ وَمَا قَبْلَهُ فَمَحَلُّ احْتِمَالٍ، فَكَيْفَ يَكُونُ نَصًّا أَوْ يَصْلُحُ مُعَارِضًا لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ رَجُلًا مَنْ أَسْلَمَ أَنْ أَذِّنْ فِي النَّاسِ أَنَّ مَنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ فَإِنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ» ، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ كَانَ أَمْرَ إِيجَابٍ قَبْلَ نَسْخِهِ بِرَمَضَانَ، إِذْ لَا يُؤْمَرُ مَنْ أَكَلَ بِإِمْسَاكٍ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ إِلَّا فِي يَوْمٍ مَفْرُوضِ الصَّوْمِ بِعَيْنِهِ، فَلَا بُدَّ مِنَ الْجَمْعِ بِوُجُوبِهِ أَوَّلًا، وَنَسْخِهِ ثَانِيًا، أَوِ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ فِي الْقُرْآنِ مُطْلَقًا، هَذَا كُلُّهُ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ: " وَلَمْ يَكْتُبِ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ " مِنْ كَلَامِهِ، وَإِلَّا فَالْحُفَّاظُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ مُعَاوِيَةَ مُدَرَّجٌ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ هَذَا احْتِمَالٌ بَعِيدٌ فَبَعِيدٌ عَنْ فَهْمِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute