للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢١١٣ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَا حَسَدَ إِلَّا عَلَى اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٢١١٣ - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا حَسَدَ) ، أَيْ لَا غِبْطَةَ (إِلَّا عَلَى اثْنَيْنِ) وَقِيلَ: لَوْ كَانَ الْحَسَدُ جَائِزًا لَجَازَ عَلَيْهِمَا (رَجُلٌ) بِالْجَرِّ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ، وَقِيلَ: بِالرَّفْعِ عَلَى تَقْدِيرِ هُمَا أَوْ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا (آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ) ، أَيْ مَنَّ عَلَيْهِ بِحِفْظِهِ لَهُ كَمَا يَنْبَغِي (فَهُوَ يَقُومُ بِهِ) ، أَيْ بِتِلَاوَتِهِ وَحِفْظِ مَبَانِيهِ أَوْ بِالتَّأَمُّلِ فِي أَحْكَامِهِ وَمَعَانِيهِ أَوْ بِالْعَمَلِ بِأَوَامِرِهِ وَمَنَاهِيهِ أَوْ يُصَلِّي بِهِ وَيَتَحَلَّى بِآدَابِهِ (آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ) ، أَيْ فِي سَاعَاتِهِمَا جَمْعُ إِنَى بِالْكَسْرِ بِوَزْنِ مِعَى وَإِنْوِ وَإِنْيٍ بِسُكُونِ النُّونِ وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ لَا يَغْفُلُ عَنْهُ إِلَّا فِي قَلِيلٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ (وَرَجُلٌ) بِالْوَجْهَيْنِ (آتَاهُ اللَّهُ مَالًا) ، أَيْ حَلَالًا (فَهُوَ يُنْفِقُ) ، أَيْ لِلَّهِ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ مِنْهُ (آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ) ، أَيْ فِي أَوْقَاتِهِمَا (سِرًّا وَعَلَانِيَةً) وَلَعَلَّ هَذِهِ نُكْتَةُ تَقْدِيمِ اللَّيْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، قَالَ مِيرَكُ: الْحَسَدُ قِسْمَانِ حَقِيقِيٌّ وَمَجَازِيٌّ، فَالْحَقِيقِيُّ تَمَنِّي زَوَالَ النِّعْمَةِ عَنْ صَاحِبِهَا وَهُوَ حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ النُّصُوصِ الصَّرِيحَةِ، وَأَمَّا الْمَجَازِيُّ فَهُوَ الْغِبْطَةُ وَهِيَ تَمَنِّي مِثْلَ النِّعْمَةِ الَّتِي عَلَى الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ تَمَنِّي زَوَالٍ عَنْ صَاحِبِهَا، أَيِ الْغِبْطَةُ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا كَانَتْ مُبَاحَةً، وَإِنْ كَانَتْ طَاعَةً فَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ، وَالْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ: لَا غِبْطَةَ مَحْمُودَةً إِلَّا فِي هَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ اهـ يَعْنِي فِيهِمَا وَأَمْثَالِهِمَا، وَلِذَا قَالَ الْمُظْهِرُ: يَعْنِي لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَمَنَّى الرَّجُلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلُ صَاحِبِ نِعْمَةٍ إِلَّا أَنْ تَكُونَ النِّعْمَةُ مِمَّا يَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى - كَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَالتَّصَدُّقِ بِالْمَالِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْخَيِّرَاتِ اهـ يَعْنِي مِنَ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ وَالطَّاعَاتِ الْمَالِيَّةِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي تَصْحِيحِ الْمَصَابِيحِ: وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>