قَدْ يُصَدَّقُ (تَعْلَمُ) ، أَيْ أَتَعْلَمُ (مَنْ تُخَاطِبُ) ، أَيْ التَّعْيِينُ الشَّخْصِيُّ (مُنْذُ ثَلَاثٍ) ، أَيْ لَيَالٍ (قُلْتُ: لَا، قَالَ: ذَاكَ شَيْطَانٌ) بِالتَّنْوِينِ مَرْفُوعًا وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يَكُونَ بِالنَّصْبِ لِأَنَّ السُّؤَالَ فِي قَوْلِهِ مَنْ تُخَاطِبُ عَنِ الْمَفْعُولِ، فَالْعُدُولُ إِلَى جُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ وَتَشْخِيصِهِ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ لِمَزِيدِ التَّعْيِينِ وَدَوَامِ الِاحْتِرَازِ عَنْ كَيْدِهِ وَمَكْرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، وَالْمُرَادُ وَاحِدٌ مِنَ الشَّيَاطِينِ أَوْ إِبْلِيسُ، وَوَجْهُ صَرْفِهِ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ شَطَنَ، أَيْ بَعُدَ قَالَ فِي الْقَامُوسِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَالشَّيْطَانُ مَعْرُوفٌ وَتَشَيْطَنَ فَعَلَ فِعْلَهُ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: ذِكْرُ الشَّيْطَانِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ إِيذَانًا بِتَغَايُرِهِمَا عَلَى مَا هُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّ النَّكِرَةَ إِذَا أُعِيدَتْ بِلَفْظِهَا كَانَتْ غَيْرَ الْأُولَى، وَوَجْهُ تَغَايُرِهَا أَنَّ الْأَوَّلَ لِلْجِنْسِ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ نَفْيُ قُرْبَانِ تِلْكَ الْمَاهِيَّةِ لَهُ، وَالثَّانِي لِفَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ ذَلِكَ الْجِنْسِ، أَيْ شَيْطَانٌ مِنَ الشَّيَاطِينِ، فَلَوْ عَرَفَ لَا وَهْمَ خِلَافَ الْمَقْصُودِ لِأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُشَارَ إِلَى السَّابِقِ أَوْ إِلَى الْمَعْرُوفِ الْمَشْهُورِ بَيْنَ النَّاسِ وَكِلَاهُمَا غَيْرُ مُرَادٍ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: الْحَدِيثُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ تَعَلُّمَ الْعِلْمِ جَائِزٌ مِمَّنْ لَمْ يَعْمَلْ بِمَا يَقُولُ بِشَرْطِ أَنْ يُعْلِمَ الْمُتَعَلِّمَ كَوْنَ مَا يَتَعَلَّمُهُ حَسَنًا، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَعْلَمْ حُسْنَهُ وَقُبْحَهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّمَ إِلَّا مِمَّنْ عَرَفَ دِيَانَتَهُ وَصَلَاحَهُ اهـ وَفِيهِ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْمَوْضُوعَةَ كَثِيرَةٌ فِي مَعَانٍ حَسَنَةِ الظَّاهِرِ كَفَضِيلَةِ السُّوَرِ وَالْعِبَادَاتِ وَالدَّعَوَاتِ وَلَا يَجُوزُ التَّعَلُّمُ فِي أَمْثَالِهَا إِلَّا مِنَ الثِّقَاتِ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute