للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

" النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَمَا) بِالتَّخْفِيفِ لِلتَّنْبِيهِ (إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ) بِالتَّخْفِيفِ، أَيْ فِي إِظْهَارِ الْحَاجَةِ (وَسَيَعُودُ) ، أَيْ فَكُنْ عَلَى حَذَرٍ مِنْهُ (فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ سَيَعُودُ فَرَصَدْتُهُ) أَيِ انْتَظَرْتُهُ وَرَاقَبْتُهُ، وَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: ثَانِي لَيْلَةٍ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ بَلْ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ تَقْيِيدِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَوْلُهُ: مَا فَعَلَ أَسِيرُكُ الْآتِي بِقَوْلِهِ الْبَارِحَةَ (فَجَاءَ يَحْثُوا) حَالٌ مُقَدَّرَةٌ لِأَنَّ الْحَثْوَ عَقِبَ الْمَجِيءِ لَا مَعَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: فَجَاءَ فَجَعَلَ يَحْثُو اعْتِمَادًا عَلَى مَا سَبَقَ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يَأْخُذُ أَوْ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ (مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: دَعْنِي) أَيِ اتْرُكْنِي (فَإِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ لَا أَعُودُ، فَرَحِمْتُه) لَعَلَّهُ لِقَوْلِهِ لَا أَعُودُ وَإِلَّا فَقَدْ تَحَقَّقَ كَذِبُهُ فِي إِظْهَارِ الْحَاجَةِ عَلَى لِسَانِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ، وَقِيلَ: ظَنَّ أَنَّهُ تَابَ مِنْ كَذِبِهِ (وَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً) ، أَيْ شَدِيدَةً كَمَا فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ (وَعِيَالًا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ) ، أَيْ لِعَهْدِهِ بِعَدَمِ الْعَوْدِ وَلَعَلَّهُ تَرَكَهُ الرَّاوِي اخْتِصَارًا (فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ) ، أَيْ فِي عَدَمِ الْعَوْدِ (وَسَيَعُودُ فَرَصَدْتُهُ فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَذَكَرَ لَهُ مَا يَقْطَعُ طَمَعَهُ فِي أَنَّهُ يُطْلِقُهُ فَقَالَ (وَهَذَا آخِرُ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ إِنَّكَ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: هَذَا الْمَجِيءُ الَّذِي جِئْتَهُ آخِرَ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ، إِنَّكَ تَعْلِيلٌ لِمَا تَضَمَّنَهُ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يُطْلِقُهُ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مُبْتَدَأٌ وَآخِرَ بَدَلٌ مِنْهُ وَالْخَبَرُ أَنَّكَ (تَزْعُمُ) ، أَيْ تَظُنُّ أَوْ تَقُولُ (لَا تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ) وَفِي نُسْخَةٍ: تَزْعُمُ أَنْ لَا تَعُوُدَ، أَيْ تَظُنُّ أَنْ لَا تَعُودَ ثُمَّ تَعُودَ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ أَنَّكَ تَزْعُمُ صِفَةُ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَرَّةٍ مَوْصُوفَةُ هَذَا الْقَوْلِ الْبَاطِلِ وَالضَّمِيرُ مُقَدَّرٌ، أَيْ فِيهَا اهـ فَقَوْلُهُ: هَذَا آخِرُ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى أَيْضًا وَعَدَ بِعَدَمِ الْعَوْدِ وَهُوَ سَاقِطٌ اخْتِصَارًا، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: كَلَامُ الشَّارِحِ بَعِيدٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ لَهُ: وَلَا أَعُودُ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَهِيَ الثَّانِيَةُ اهـ وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِأَنَّ الْتِزَامَ عَدَمِ الْعَوْدِ مُحَقَّقٌ إِمَّا صَرِيحًا أَوْ ضِمْنًا، فَإِنَّ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُسْتَغِيثَ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ (قَالَ: دَعْنِي) ، أَيْ خَلِّنِي (أُعَلِّمُكَ) بِالرَّفْعِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالْجَزْمِ (كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا إِذَا أَوَيْتَ) بِالْقَصْرِ وَيُمَدُّ، أَيْ إِذَا قَصَدْتَ (إِلَى فِرَاشِكَ) لِأَجْلِ النَّوْمِ وَنَزَلْتَ فِيهِ (فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ " {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: ٢٥٥] " حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ) ، أَيْ إِلَى (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) وَظَاهِرُهُ يَدُلُّ عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّ أَنَّ الْقَيُّومَ لَيْسَ رَأْسُ الْآيَةِ خِلَافًا لِلْبَصْرِيِّ (فَإِنَّكَ) ، أَيْ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ (لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ) ، أَيْ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ أَمْرِهِ (حَافِظًا) ، أَيْ مِنَ الْقُدْرَةِ أَوْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ (وَلَا يَقْرَبُكَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ (شَيْطَانٌ) لِأَذًى دِينِيٍّ وَدُنْيَوِيٍّ وَهُوَ مُؤَكِّدٌ لِمَا قَبْلَهُ (حَتَّى تُصْبِحَ) ، أَيْ تَدْخُلُ فِي الصَّبَاحِ غَايَةً لِمَا بَعْدَ لَنْ، قِيلَ: تُرِكَ الْإِسْنَادُ لِوُضُوحِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: قَدْ كُوشِفَ لَهُ ذَلِكَ، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، قُلْتُ: لَكِنْ صَحَّ بِتَقْرِيرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَمَا سَيَأْتِي وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ: " مَنْ قَرَأَهَا - يَعْنِي آيَةَ الْكُرْسِيِّ - حِينَ يَأْخُذُ مَضْجَعَهُ أَمَّنَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - عَلَى دَارِهِ وَدَارِ جَارِهِ وَأَهْلِ دُوَيْرَاتٍ حَوْلَهُ " (فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟) لَمْ يَقُلِ الْبَارِحَةَ هُنَا أَيْضًا لِمَا سَبَقَ (قُلْتُ: زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ صَدَقَكَ) ، أَيْ فِي التَّعْلِيمِ (وَهُوَ كَذُوبٌ) ، أَيْ فِي سَائِرِ أَقْوَالِهِ أَوْ فِي أَغْلَبِ أَحْوَالِهِ، وَفِي الْأَمْثَالِ الْكَذُوبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>