٢١٢٥ - وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «الْآيَتَانِ مِنْ آخَرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٢١٢٥ - (وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ) ، أَيِ الْأَنْصَارِيِّ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الْآيَتَانِ) أَيِ الْكَائِنَتَانِ (مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ) ، أَيْ آمَنَ الرَّسُولُ إِلَى آخِرِهِ (مَنْ قَرَأَ بِهِمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ) ، أَيْ دَفَعَتَا عَنْهُ الشِّرْكَ وَالْمَكْرُوهَ وَهُوَ مِنْ كَفَى يَكْفِي إِذَا دَفَعَ عَنْ أَحَدٍ شَيْئًا وَأَغْنَاهُ، وَقِيلَ: كَفَتَاهُ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ أَوْ كَفَتَاهُ عَنْ سَائِرِ الْأَوْرَادِ أَوْ أَرَادَ أَنَّهُمَا أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُنَاسِبُ لِنَظْمِهِمَا أَنَّهُمَا كَفَتَاهُ عَنْ تَجْدِيدِ الْإِيمَانِ وَبَسَطَ فِي تَوْجِيهِهِ لِأَنَّهُ مَعَ خَفَاءِ ظُهُورِهِ غَيْرُ مُنَاسِبٍ قَطْعًا، فَإِنَّ بِهِمَا يَحْصُلُ تَجْدِيدُ الْإِيمَانِ لَا أَنَّهُمَا تَكْفِيَانِ عَنْهُ، فَتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ مَوْضِعُ زَلَلٍ إِذِ التَّحْقِيقُ أَنَّهُ أَرَادَ التَّجْدِيدَ عَلَى اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الِارْتِدَادِ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ اصْطِلَاحَ الصُّوفِيَّةِ فَمُرَادُهُمْ بِالتَّجْدِيدِ جَعْلُهُ مُجَدَّدًا وَمُؤَكَّدًا وَمُؤَبَّدًا بِاسْتِحْضَارِ مَعْنَى التَّوْحِيدِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ وَلَمْحَةٍ وَرَفْعِ الْغَفْلَةِ فِي كُلِّ طَرْفَةٍ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ الْفَارِضِ:
وَلَوْ خَطَرَتْ لِي فِي سِوَاكَ إِرَادَةٌ ... عَلَى خَاطِرِي سَهْوًا حَكَمْتَ بِرِدَّتِي
وَأَخَذَ السَّادَةُ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ قَوْلِهِ - تَعَالَى - {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا} [النساء: ١٣٦] أَيْ دُومُوا عَلَى الْإِيمَانِ، وَمِنْ «قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " جَدِّدُوا إِيمَانَكُمْ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُجَدِّدُ إِيمَانَنَا؟ قَالَ: " أَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) وَرَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute