للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢١٢٧ - وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «أَيَعْجَزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ فِي لَيْلَةٍ ثُلُثَ الْقُرْآنِ؟ " قَالُوا: وَكَيْفَ يَقْرَأُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: " {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

٢١٢٧ - (وَعَنْهُ) ، أَيْ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيَعْجَزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ فِي لَيْلَةٍ ثُلُثَ الْقُرْآنِ) بِضَمِّ اللَّامِ وَسُكُونِهِ (قَالُوا: وَكَيْفَ يَقْرَأُ) ، أَيْ أَحَدٌ (ثُلُثَ الْقُرْآنِ) لِأَنَّهُ يَصْعُبُ عَلَى الدَّوَامِ عَادَةً (قَالَ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] ، أَيْ إِلَى آخِرِهِ أَوْ سُورَتِهِ (يَعْدِلُ) بِالتَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ، أَيْ يُسَاوِي (ثُلُثَ الْقُرْآنِ) لِأَنَّ مَعَانِيَ الْقُرْآنِ آيِلَةٌ إِلَى تَعْلِيمِ ثَلَاثَةِ عُلُومٍ عِلْمُ التَّوْحِيدِ وَعِلْمُ الشَّرَائِعِ وَعِلْمُ تَهْذِيبِ الْأَخْلَاقِ وَتَزْكِيَةِ النُّفُوسِ، وَسُورَةُ الْإِخْلَاصِ تَشْتَمِلُ عَلَى الْقِسْمِ الْأَشْرَفِ مِنْهَا الَّذِي هُوَ كَالْأَصْلِ لِلْقِسْمَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ وَهُوَ عِلْمُ التَّوْحِيدِ عَلَى أَبْيَنِ وَجْهٍ وَآكَدِهِ وَتَقْدِيسِهِ عَنْ مُشَارِكٍ فِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقُرْآنَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْحَاءٍ قَصَصٍ وَأَحْكَامٍ وَصِفَاتِ اللَّهِ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مُتَمَحِّضَةٌ لِلصِّفَاتِ فَهِيَ ثُلُثُ الْقُرْآنِ، وَقِيلَ: ثَوَابُهَا يُضَاعَفُ بِقَدْرِ ثَوَابِ ثُلُثِ الْقُرْآنِ بِلَا تَضْعِيفٍ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَكَرُّرِهَا اسْتِيعَابُ الْقُرْآنِ وَخَتْمُهُ، وَعَلَى الثَّانِي يَلْزَمُ، قَالَ مِيرَكُ: أَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: «جَزَّأَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقُرْآنَ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، فَجَعَلَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ جُزْأً مِنْ أَجْزَاءِ الْقُرْآنِ» ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: مِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ الثَّلَاثَةَ عَلَى تَحْصِيلِ الثَّوَابِ فَقَالَ: مَعْنَى كَوْنِهَا ثُلُثُ الْقُرْآنِ ثَوَابُ قِرَاءَتِهَا يَحْصُلُ لِلْقَارِئِ مِثْلَ ثَوَابِ مَنْ قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، وَقِيلَ: مِثْلُهُ بِغَيْرِ تَضْعِيفٍ وَهِيَ دَعْوَى بِغَيْرِ دَلِيلٍ، وَإِذَا حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَهَلْ ذَلِكَ الثُّلُثُ مِنَ الْقُرْآنِ مُعَيَّنٌ، أَيْ ثُلُثٌ فُرِضَ مِنْهُ، فِيهِ نَظَرٌ يَلْزَمُ مِنَ الثَّانِي أَنَّ مَنْ قَرَأَهَا ثَلَاثًا كَانَ كَمَنْ قَرَأَ خَتْمَةً كَامِلَةً، وَقِيلَ: الْمُرَادُ مَنْ عَمِلَ بِمَا تَضْمَنُهُ مِنَ الْإِخْلَاصِ وَالتَّوْحِيدِ كَانَ كَمَنْ قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: مَنْ لَمْ يَتَأَوَّلْ هَذَا الْحَدِيثَ أَخْلَصُ مِمَّنْ أَجَابَ بِالرَّأْيِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَهْوَيْهِ فَإِنَّهُمَا حَمَلَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ لَهَا فَضْلًا فِي الثَّوَابِ تَحْرِيضًا عَلَى تَعَلُّمِهَا لَا أَنَّ قِرَاءَتَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَإِنَّ هَذَا لَا يَسْتَقِيمُ وَلَوْ قَرَأَهَا مِائَتَيْ مَرَّةٍ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) ، أَيْ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>