للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢١٣٤ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَارَتْقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.

ــ

٢١٣٤ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يُقَالُ) ، أَيْ عِنْدَ دُخُولِ الْجَنَّةِ وَتَوَجُّهِ الْعَامِلِينَ إِلَى مَرَاتِبِهِمْ عَلَى حَسَبِ مَكَاسِبِهِمْ (لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ) ، أَيْ مَنْ يُلَازِمُهُ بِالتِّلَاوَةِ وَالْعَمَلِ لَا مَنْ يَقْرَؤُهُ وَهُوَ يَلْعَنُهُ (اقْرَأْ وَارَتْقِ) ، أَيْ إِلَى دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ أَوْ مَرَاتِبِ الْقُرْبِ (وَرَتِّلْ) ، أَيْ لَا تَسْتَعْجِلْ فِي قِرَاءَتِكَ فِي الْجَنَّةِ الَّتِي هِيَ لِمُجَرَّدِ التَّلَذُّذِ وَالشُّهُودِ الْأَكْبَرِ كَعِبَادَةِ الْمَلَائِكَةِ (كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ) ، أَيْ قِرَاءَتُكَ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْجَزَاءَ عَلَى وَفْقِ الْأَعْمَالِ كَمِّيَّةً وَكَيْفِيَّةً (فِي الدُّنْيَا) مِنْ تَجْوِيدِ الْحُرُوفِ وَمَعْرِفَةِ الْوُقُوفِ النَّاشِئِ عَنْ عُلُومِ الْقُرْآنِ وَمَعَارِفِ الْفُرْقَانِ (فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا) وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ عَلَى عَدَدِ آيَاتِ الْقُرْآنِ، وَجَاءَ فِي حَدِيثِ «مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ فَلَيْسَ فَوْقَهُ دَرَجَةٌ» فَالْقُرَّاءُ يَتَصَاعَدُونَ بِقَدْرِهَا، قَالَ الدَّانِيُّ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ عَدَدَ آيِ الْقُرْآنِ سِتَّةُ آلَافِ آيَةٍ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيمَا زَادَ، فَقِيلَ: وَمِائَتَا آيَةٍ وَأَرْبَعُ آيَاتٍ، وَقِيلَ: وَأَرْبَعَ عَشَرَةَ، وَقِيلَ: وَتِسْعَ عَشَرَةَ، وَقِيلَ: وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ، وَقِيلَ: وَسِتٌّ وَثَلَاثُونَ، وَفِي حَدِيثٍ عِنْدَ الدَّيْلَمَيِّ فِي سَنَدِهِ كَذَّابٌ: " «دَرَجُ الْجَنَّةِ عَلَى قَدْرِ آيِ الْقُرْآنِ، بِكُلِّ آيَةٍ دَرَجَةٌ، فَتِلْكَ سِتَّةُ آلَافِ آيَةٍ وَمِائَتَا آيَةٍ وَسِتَّ عَشَرَةَ آيَةٍ، بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ مِقْدَارُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» " قَالَ الطِّيبِيُّ: وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّ التَّرَقِّيَ يَكُونُ دَائِمًا، فَكَمَا أَنَّ قِرَاءَتَهُ فِي حَالِ الِاخْتِتَامِ اسْتَدْعَتْ الِافْتِتَاحَ الَّذِي لَا انْقِطَاعَ لَهُ كَذَلِكَ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ وَالتَّرَقِّي فِي الْمَنَازِلِ الَّتِي لَا تَتَنَاهَى، وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ لَهُمْ كَالتَّسْبِيحِ لِلْمَلَائِكَةِ لَا تَشْغَلُهُمْ مِنْ مُسْتَلَذَّاتِهِمْ بَلْ هِيَ أَعْظَمُ مُسْتَلَذَّاتِهِمْ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَيُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا يَنَالُ هَذَا الثَّوَابَ الْأَعْظَمَ إِلَّا مَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ وَأَتْقَنَ أَدَاءَهُ وَقِرَاءَتَهُ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ، فَإِنْ قُلْتَ: مَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الصَّاحِبَ هُوَ الْحَافِظُ دُونَ الْمُلَازِمِ لِلْقِرَاءَةِ فِي الْمُصْحَفِ، قُلْتُ: الْأَصْلُ فِيمَا فِي الْجَنَّةِ أَنَّهُ يَحْكِي مَا فِي الدُّنْيَا، وَقَوْلُهُ فِي الدُّنْيَا صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُلَازِمَ لَهُ نَظَرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>