للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢١٣٧ - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، أَلْفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ» " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالدَّارِمِيُّ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ إِسْنَادًا.

ــ

٢١٣٧ - (وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ قَرَأَ حَرْفًا) ، أَيْ قَابِلًا لِلِانْفِصَالِ أَوِ الْمُرَادُ بِهِ مَثَلًا (مِنْ كِتَابِ اللَّهِ) ، أَيِ الْقُرْآنُ (فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ) ، أَيْ عَطِيَّةٌ (وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا) ، أَيْ مُضَاعَفَةٌ بِالْعَشْرِ وَهُوَ أَقَلُّ التَّضَاعُفِ الْمَوْعُودِ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: ١٦٠] وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَلِلْحَرْفِ مَزِيَّةٌ عَلَى غَيْرِهِ وَالْحَرْفُ يُطْلَقُ عَلَى حَرْفِ الْهِجَاءِ وَالْمَعَانِي وَالْجُمْلَةِ الْمُفِيدَةِ وَالْكَلِمَةِ الْمُخْتَلَفِ فِي قِرَاءَتِهَا وَعَلَى مُطْلَقِ الْكَلِمَةِ وَلِذَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، أَلْفٌ) بِالسُّكُونِ عَلَى الْحِكَايَةِ، وَقِيلَ: بِالتَّنْوِينِ (حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ) قَالَ الطِّيبِيُّ: مُسَمَّى أَلِفٍ حَرْفٌ وَالِاسْمُ ثَلَاثَةُ أَحْرُفٍ وَكَذَا مُسَمَّى مِيمٍ وَهُوَ حَرْفٌ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ لَفْظَةَ مِيمٍ اسْمٌ لِهَذَا الْمُسَمَّى، فَحُمِلَ الْحَرْفُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْمَذْكُورَاتِ مَجَازًا لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ فِي ضَرْبِ اللَّهِ مَثَلًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ ضَهٍ وَرَهٍ وَبِهِ وَعَلَى هَذَا إِنْ أُرِيدَ بِـ (الم) مُفْتَتَحُ سُورَةِ الْفِيلِ يَكُونُ عَدَدُ الْحَسَنَاتِ ثَلَاثِينَ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مُفْتَتَحُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَشَبَهِهَا بَلَغَ الْعَدَدُ تِسْعِينَ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ بَعِيدٌ إِذِ الرِّوَايَةُ (ألم) بِالْمَدِّ لَا بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْمِيمِ، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي الْمُنَاسِبِ أَنْ يُقَالَ: فَأُحَرِّفُ بَدَلِ مِيمٍ حَرْفٌ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ذَكَرَ مِنْ (ألم) مِنْ كُلِّ كَلِمَةٍ حَرْفًا وَأَنْ يُلَاحِظَ الْمُسَمَّيَاتِ نَظَرًا إِلَى أَنَّ (ألم) عِبَارَةٌ إِجْمَالِيَّةٌ عَنْ تِلْكَ الْمُسَمَّيَاتِ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ أَدَاءَ نَفْسِ الْأَسْمَاءِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ مُرَادَهُ أَنْ فِي فَاتِحَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ يَكُونُ عَدَدُ الْحَسَنَاتِ تِسْعِينَ وَفِي فَاتِحَةِ سُورَةِ الْفِيلِ يَكُونُ عَدَدُهَا ثَلَاثِينَ كَمَا هُوَ عِبَارَةُ الْمُخْتَصَرِ، وَلَا يُرِيدُ أَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ يَحْتَمِلُهُمَا لِأَنَّهُ جَاءَ صَرِيحًا فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَالطَّبَرَانِيِّ ( «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنَ الْقُرْآنِ كُتِبَ لَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، لَا أَقُولُ الم ذَلِكَ الْكِتَابُ، وَلَكِنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ وَالْمِيمَ وَالذَّالَ وَاللَّامَ وَالْكَافَ» ) اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْحِسَابِ الْحُرُوفُ الْمَكْتُوبَةُ لَا الْمَلْفُوظَةُ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ ( «لَا أَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ وَلَكِنْ بَاءٌ وَسِينٌ وَمِيمٌ، وَلَا أَقُولُ الم وَلَكِنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ وَالْمِيمَ» ) (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالدَّارِمِيُّ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ إِسْنَادًا) ، أَيْ لِأُمَّتِنَا تَمْيِيزٌ عَنْ نِسْبَةِ غَرِيبٍ، وَقَالَ: وَوَقَفَهُ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>