للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٢٨٩ - وَعَنْ بُرَيْدَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الْأَحَدُ، الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ، وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ فَقَالَ: " دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ» " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ.

ــ

٢٢٨٩ - (وَعَنْ بُرَيْدَةَ) : أَيِ: ابْنِ الْحُصَيْبِ الْأَسْلَمِيِّ، أَسْلَمَ قَبْلَ بَدْرٍ، وَلَمْ يَشْهَدْهَا، وَبَايَعَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، وَكَانَ مِنْ سَاكِنِي الْمَدِينَةِ، ثُمَّ تُحَوَّلَ إِلَى الْبَصْرَةِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا إِلَى خُرَاسَانَ غَازِيًا (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَ رَجُلًا) : الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، كَمَا سَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ الْآتِي (يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ) : تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ (الْأَحَدُ) : أَيْ: بِالذَّاتِ وَالصِّفَاتِ (الصَّمَدُ) : أَيِ: الْمَقْصُودُ الْكُلِّيُّ وَالْمَطْلُوبُ الْحَقِيقِيُّ (الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) : الْمُنَزَّهُ عَنْ صِفَاتِ النُّقْصَانِ وَالْحُدُوثِ (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا) : أَيْ: مِثْلًا فِي ذَاتِهِ وَشَبِيهًا فِي صِفَاتِهِ وَنَظِيرًا فِي أَفْعَالِهِ (أَحَدٌ) : وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَسْئُولَ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ (فَقَالَ) : أَيِ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (دَعَا) : أَيِ الرَّجُلُ (اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ) قِيلَ الْأَعْظَمُ هُنَا يَعْنِي الْعَظِيمَ، لِأَنَّ جَمِيعَ أَسْمَائِهِ عَظِيمٌ، وَقِيلَ: كُلُّ اسْمٍ هُوَ أَكْثَرُ تَعْظِيمًا لَهُ تَعَالَى، فَهُوَ أَعْظَمُ مِمَّا هُوَ أَقَلُّ تَعْظِيمًا، فَالرَّحْمَنُ أَعْظَمُ مِنَ الرَّحِيمِ، لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مُبَالَغَةً، وَلَفْظَةُ (اللَّهَ) أَعَمُّ مِنَ الرَّبِّ، لِأَنَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي تَسْمِيَتِهِ لَا بِالْإِضَافَةِ وَلَا بِغَيْرِهَا بِخِلَافِ الرَّبِّ (الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ) : إِجَابَةُ الدُّعَاءِ تَدُلُّ عَلَى وَجَاهَةِ الدَّاعِي عِنْدَ الْمُجِيبِ، فَيَتَضَمَّنُ قَضَاءَ الْحَاجَةِ بِخِلَافِ الْإِعْطَاءِ، فَالْأَخِيرُ أَبْلَغُ. ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَ: فِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى اسْمًا أَعْظَمَ إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ. وَأَنَّ ذَلِكَ مَذْكُورٌ هَاهُنَا، وَفِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ قَالَ: كُلُّ اسْمٍ ذُكِرَ بِإِخْلَاصٍ تَامٍّ مَعَ الْإِعْرَاضِ عَمَّا سِوَاهُ هُوَ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ، إِذْ لَا شَرَفَ لِلْحُرُوفِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي أَحَادِيثَ أُخَرَ مِثْلُ ذَلِكَ، وَفِيهَا أَسْمَاءٌ لَيْسَتْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا أَنَّ لَفْظَ اللَّهِ مَذْكُورٌ فِي الْكُلِّ، فَيُسْتَدَلُّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ. اهـ. وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَتَقَدَّمَ شَرْطُهُ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ) : وَكَذَا ابْنُ مَاجَهْ وَالنَّسَائِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>