٢٢٩٢ - وَعَنْ سَعْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا رَبَّهُ وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، سُبْحَانَكَ، إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: ٨٧] لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ.
ــ
٢٢٩٢ - (وَعَنْ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " دَعْوَةُ ذِي النُّونِ ": أَيْ: صَاحِبِ الْحُوتِ، وَهُوَ سَيِّدُنَا يُونُسَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (إِذْ دَعَا) : أَيْ " رَبَّهُ " كَمَا فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ، وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي التِّرْمِذِيِّ، لَكِنَّهُ مَذْكُورٌ فِي الْأَذْكَارِ، كَذَا فِي الْمَفَاتِيحِ وَهُوَ ظَرْفُ دَعْوَةٍ (وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ) : جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: ٨٧] . بَدَلٌ مِنَ الدَّعْوَةِ، لِأَنَّهَا فِي الْأَصْلِ الْمَرَّةُ مِنَ الدُّعَاءِ، وَيُرَادُ هُنَا الْمَدْعُوُّ بِهِ مَعَ التَّوَسُّلِ فِيهِ بِمَا يَكُونُ سَبَبًا لِاسْتِجَابَتِهِ (لَمْ يَدْعُ بِهَا) : أَيْ: بِتِلْكَ الدَّعْوَةِ، أَوْ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ (رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ) : أَيْ: مِنَ الْحَاجَاتِ (إِلَّا اسْتَجَابَ) أَيِ: " اللَّهُ " (لَهُ) : وَلَعَلَّهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: ٨٨] (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ) .
وَمُخْتَصَرُ قِصَّتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَهُ إِلَى أَهْلِ نِينَوَى مِنْ أَرْضِ الْمَوْصِلِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ، فَلَمْ يُؤْمِنُوا، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ أَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْعَذَابَ يَأْتِيهِمْ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَخَرَجَ يُونُسُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ بَيْنِهِمْ، فَظَهَرَ سَحَابٌ أَسْوَدُ وَدَنَا حَتَّى وَقَفَ فَوْقَ بَلَدِهِمْ، فَظَهَرَ مِنْهُ دُخَانٌ، فَلَمَّا أَيْقَنُوا أَنَّهُ سَيَنْزِلُ بِهِمُ الْعَذَابُ خَرَجُوا مَعَ أَزْوَاجِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ وَدَوَابِّهِمْ إِلَى الصَّحْرَاءِ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْأَوْلَادِ وَالْأُمَّهَاتِ مِنَ الْإِنْسَانِ وَالدَّوَابِّ، وَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّضَرُّعِ وَالْبُكَاءِ، وَآمَنُوا وَتَابُوا عَنِ الْكُفْرِ وَالْعِصْيَانِ وَقَالُوا: يَا حَيُّ حِينَ لَا حَيَّ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْعَذَابَ، فَدَنَا يُونُسُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ بَلَدِهِمْ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِيَعْلَمَ كَيْفَ حَالُهُمْ، فَرَأَى مِنَ الْبَعِيدِ أَنَّ الْبَلَدَ مَعْمُورٌ كَمَا كَانَ وَأَهْلَهُ أَحْيَاءٌ فَاسْتَحْيَا وَقَالَ: قَدْ كُنْتُ قُلْتُ لَهُمْ: إِنَّ الْعَذَابَ يَنْزِلُ عَلَيْكُمْ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَلَمْ يَنْزِلْ، فَذَهَبَ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ نَزَلَ عَلَيْهِمْ وَرُفِعَ عَنْهُمْ، فَسَارَ حَتَّى أَتَى سَفِينَةً وَرَكِبَهَا، فَلَمَّا رَكِبَهَا وَقَفَتِ السَّفِينَةُ فَبَالَغُوا فِي إِجْرَائِهَا فَلَمْ تَجْرِ، فَقَالَ الْمَلَّاحُونَ: هُنَا عَبْدٌ آبِقٌ فَقَرَعُوا بَيْنَ أَهْلِ السَّفِينَةِ فَخَرَجَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى يُونُسَ، فَقَالَ: أَنَا الْآبِقُ فَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ، فَالْتَقَمَهُ حُوتٌ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَحْفَظَهُ، فَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ وَسَارَ بِهِ إِلَى النِّيلِ ثُمَّ إِلَى بَحْرِ فَارِسٍ، ثُمَّ إِلَى دِجْلَةَ فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، أَيْ: أَنَا مِنَ الظَّالِمِينَ بِخُرُوجِي مِنْ بَيْنِ قَوْمِي قَبْلَ أَنْ تَأْذَنَ لِي بِهِ، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ وَأَمَرَ الْحُوتَ بِإِلْقَائِهِ إِلَى أَرْضِ نَصِيبِينِ بَلْدَةٍ مِنْ بِلَادِ الشَّامِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute