٢٢٩٥ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَأَنْ أَقُولَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
ــ
٢٢٩٥ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَأَنْ أَقُولَ: سُبْحَانَ اللَّهِ» " مَصْدَرٌ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ وَاجِبٍ إِضْمَارُهُ أَيْ: أُسَبِّحُ سُبْحَانَ اللَّهِ (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ) أَيْ: ثَابِتٌ ; سَوَاءً حَمِدَ أَوْ لَمْ يَحْمَدْ (وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) أَيْ: مَوْجُودٌ، أَوْ مَعْبُودٌ، أَوْ مَقْصُودٌ، أَوْ مَشْهُودٌ (وَاللَّهُ أَكْبَرُ) أَيْ: مِنْ أَنْ يُعْرَفَ كُنْهُ كِبْرِيَائِهِ ( «أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ» ) أَيْ: مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا مِنَ الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا كَذَا قِيلَ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فَأَحَبَّ لَيْسَ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهَا أَحَبُّ إِلَيَّ بِاعْتِبَارِ ثَوَابِهَا الْكَثِيرِ الْبَاقِي مِنَ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا لِزَوَالِهَا وَفَنَائِهَا، وَهَذَا نَحْوُ حَدِيثِ: " «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» " وَقَالَ الْعَارِفُ الْجَامِيُّ أَيْ: شَمْسُ الْوُجُودِ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: أَطْلَقَ الْمُفَاضَلَةَ بَيْنَ قَوْلِ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ، وَبَيْنَ مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، وَمِنْ شَرْطِ الْمُفَاضَلَةِ اسْتِوَاءُ الشَّيْئَيْنِ فِي أَصْلِ الْمَعْنَى، ثُمَّ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَأَجَابَ ابْنُ بَطَّالٍ: بِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ إِلَّا الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ، فَأَخْرَجَ الْخَيْرَ مَنْ ذَكَرَ الشَّيْءَ بِذِكْرِ الدُّنْيَا، إِذْ لَا شَيْءَ سِوَاهَا إِلَّا الْآخِرَةُ. وَأَجَابَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّ أَفْعَلَ قَدْ يُرَادُ بِهِ أَصْلُ الْفِعْلِ لَا الْمُفَاضَلَةُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [الفرقان: ٢٤] وَلَا مُفَاضَلَةَ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، أَوِ الْخِطَابُ وَاقِعٌ عَلَى مَا اسْتَقَرَّ فِي نَفْسِ أَكْثَرِ النَّاسِ، فَإِنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الدُّنْيَا لَا شَيْءَ مِثْلُهَا، وَأَنَّهَا الْمَقْصُودُ، فَأَخْبَرَ بِأَنَّهَا عِنْدَهُ خَيْرٌ مِمَّا تَظُنُّونَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ أَفْضَلَ مِنْهُ، وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِيَ الدُّنْيَا فَأَتَصَدَّقُ بِهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الثَّوَابَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى قَوْلِ هَذَا الْكَلَامِ أَكْثَرُ مِنْ ثَوَابِ مَنْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ الدُّنْيَا، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ: " «لَوْ أَنَّ رَجُلًا فِي حِجْرِهِ دَرَاهِمُ يُقَسِّمُهَا وَآخَرَ يَذْكُرُ اللَّهَ كَانَ الذَّاكِرُ لِلَّهِ أَفْضَلَ» " وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ جَمْعِ الدُّنْيَا وَاقْتِنَائِهَا، وَكَانَتِ الْعَرَبُ يَفْتَخِرُونَ بِجَمْعِ الْأَمْوَالِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) : وَكَذَا التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو عَوَانَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute