٢٢٩٨ - وَعَنْهُ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ» " (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
ــ
٢٢٩٨ - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: (كَلِمَتَانِ) أَيْ: جُمْلَتَانِ مُفِيدَتَانِ (خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ) : أَيْ تَجْرِيَانِ عَلَيْهِ بِالسُّهُولَةِ (ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ) أَيْ: بِالْمَثُوبَةِ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْخِفَّةُ مُسْتَعَارَةٌ لِلسُّهُولَةِ، شَبَّهَ سُهُولَةَ جَرَيَانِ هَذَا الْكَلَامِ بِمَا يَخِفُّ عَلَى الْحَامِلِ مِنْ بَعْضِ الْحُمُولَاتِ فَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِ، فَذَكَرَ الْمُشَبَّهَ وَأَرَادَ الْمُشَبَّهَ بِهِ، وَأَمَّا الثِّقَلُ فَعَلَى حَقِيقَتِهِ ; لِأَنَّ الْأَعْمَالَ تَتَجَسَّمُ عِنْدَ الْمِيزَانِ. اهـ. وَقِيلَ: تُوزَنُ صَحَائِفُ الْأَعْمَالِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْبِطَاقَةِ وَالسِّجِلَّاتِ.
رُوِيَ فِي الْآثَارِ أَنَّهُ «سُئِلَ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: مَا بَالُ الْحَسَنَةِ تَثْقُلُ وَالسَّيِّئَةِ تَخِفُّ؟ فَقَالَ: لِأَنَّ الْحَسَنَةَ حَضَرَتْ مَرَارَتُهَا وَغَابَتْ حَلَاوَتُهَا، وَلِذَلِكَ ثَقُلَتْ عَلَيْكُمْ فَلَا يَحْمِلَنَّكُمْ ثِقَلُهَا عَلَى تَرْكِهَا، فَإِنَّ بِذَلِكَ ثَقُلَتِ الْمَوَازِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَالسَّيِّئَاتُ حَضَرَتْ حَلَاوَتُهَا وَغَابَتْ مَرَارَتُهَا، فَلِذَلِكَ خَفَّتْ عَلَيْكُمْ فَلَا يَحْمِلَنَّكُمْ عَلَى فِعْلِهَا خِفَّتُهَا، فَإِنَّ بِذَلِكَ خَفَّتِ الْمَوَازِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: تَثْنِيَةُ حَبِيبَةٍ وَهِيَ الْمَحْبُوبَةُ، لِأَنَّ فِيهِمَا الْمَدْحَ بِالصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ الَّتِي يَدُلُّ عَلَيْهَا التَّنْزِيهُ وَبِالصِّفَاتِ الثُّبُوتِيَّةِ الَّتِي يَدُلُّ عَلَيْهَا الْحَمْدُ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّ قَائِلَهَا مَحْبُوبُ اللَّهِ ; وَمَحَبَّةُ اللَّهَ لِلْعَبْدِ إِرَادَةُ إِيصَالِ الْخَيْرِ لَهُ، وَخُصَّ الرَّحْمَنُ بِالذِّكْرِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى سَعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى ; حَيْثُ يُجَازِي عَلَى الْعَمَلِ الْقَلِيلِ بِالثَّوَابِ الْجَزِيلِ (سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَهُوَ آخِرُ حَدِيثٍ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute