٢٣٠٢ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا رَجُلٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْهُ» ". (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
ــ
٢٣٠٢ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ " أَيْ: مَعْبُودٌ بِحَقٍّ فِي الْوُجُودِ (إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ) : حَالٌ مُؤَكَّدَةٌ (لَا شَرِيكَ لَهُ) أَيْ: فِي صِفَاتِهِ (لَهُ الْمُلْكُ) أَيْ: مَلِكُ الْمَلَكُوتِ، وَمَلِكُ الْأَمْلَاكِ، وَمَلِكُ الْعِلْمِ، وَمَلِكُ الْقَنَاعَةِ وَأَمْثَالِهَا، يَعْنِي: بِتَصَرُّفِهِ وَتَقْرِيرِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَتَقْدِيرِهِ، مَلَكَ جَمِيعَ الْأُمُورِ، (وَلَهُ الْحَمْدُ) أَيِ: الثَّنَاءُ الْجَزِيلُ عَلَى وَجْهِ الْجَمِيلِ لَهُ تَعَالَى حَقِيقَةً وَغَيْرُهُ قَدْ يُحْمَدُ مَجَازًا وَصُورَةً (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ) أَيْ: شَاءَهُ وَأَرَادَهُ، أَوْ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ (قَدِيرٌ) أَيْ: بَالِغٌ فِي الْقُدْرَةِ كَامِلٌ فِي الْقُوَّةِ مُنَزَّهٌ عَنِ الْعَجْزِ وَالْفَتْرَةِ (فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ) أَيْ: مُجْتَمِعَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً (كَانَتْ) أَيْ: هَذِهِ الْكَلِمَةُ أَوِ التَّهْلِيلَةُ، وَفِي نُسْخَةِ ابْنِ حَجَرٍ: كَانَ أَيْ مَا ذُكِرَ، وَهُوَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِآخِرِ الْحَدِيثِ: وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا. فَتُدَبَّرْ. (لَهُ) أَيْ: لِلْقَائِلِ بِهَا (عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ) : بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَفَتْحِهَا بِمَعْنَى الْمَثَلِ أَيْ: ثَوَابُ عِتْقِ عَشْرِ رِقَابٍ وَهُوَ جَمْعُ رَقَبَةٍ، وَهِيَ فِي الْأَصْلِ الْعُنُقُ فَجُعِلَتْ كِنَايَةً عَنْ جَمِيعِ ذَاتِ الْإِنْسَانِ تَسْمِيَةً لِلشَّيْءِ بِبَعْضِهِ أَيْ: يُضَاعَفُ ثَوَابُهَا حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ أَصْلِ ثَوَابِ الْعِتْقِ الْمَذْكُورِ (وَكُتِبَتْ) أَيْ: ثُبِتَتْ (لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ) : بِالرَّفْعِ (وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ) أَيْ: أُزِيلَتْ (وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا) أَيْ: حِفْظًا وَمَنْعًا (وَمِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ) أَيْ: فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي قَالَهَا فِيهِ (حَتَّى يُمْسِيَ) : وَظَاهِرُ التَّقَابُلِ أَنَّهُ إِذَا قَالَ فِي اللَّيْلِ كَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ لَيْلِهِ ذَلِكَ حَتَّى يُصْبِحَ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اخْتِصَارًا مِنَ الرَّاوِي، أَوْ تَرْكٌ لِوُضُوحِ الْمُقَابَلَةِ وَتَخْصِيصُ النَّهَارِ لِأَنَّهُ أَحْوَجُ فِيهِ إِلَى الْحِفْظِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا أَجْرُ الْمِائَةِ، وَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا لَزَادَ الثَّوَابُ، وَهَذِهِ الْمِائَةُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ مُتَوَالِيَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً، لَكِنَّ الْفَضْلَ أَنْ تَكُونَ مُتَوَالِيَةً، وَأَنْ تَكُونَ أَوَّلَ النَّهَارِ لِيَكُونَ حِرْزًا فِي جَمِيعِ نَهَارِهِ، (وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ) أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ (بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ) أَيْ: بِأَيِّ عَمَلٍ كَانَ مِنَ الْحَسَنَاتِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَيْ أَكْثَرَ مِنَ الذِّكْرِ الَّذِي جَاءَ بِهِ، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا مِنَ الْوَاضِحَاتِ فَلَا يَصْلُحُ فِي مَقَامِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْمَدْحِ (إِلَّا رَجُلٌ عَمَلَ أَكْثَرَ مِنْهُ) : وَفِي رِوَايَةٍ: مِنْ ذَلِكَ أَيْ: مِنْ جِنْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو عَوَانَةَ. قَالَ الطِّيبِيُّ: جَعَلَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ التَّهْلِيلَ مَاحِيًا مِنَ السَّيِّئَاتِ مِقْدَارًا مَعْلُومًا، وَفِي حَدِيثِ التَّسْبِيحِ: جَعَلَ التَّسْبِيحَ مَاحِيًا لَهَا مِقْدَارَ زَبَدِ الْبَحْرِ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ التَّسْبِيحُ أَفْضَلَ، وَقَدْ قَالَ فِي حَدِيثِ التَّهْلِيلِ: وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، أَجَابَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: إِنَّ التَّهْلِيلَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَفَضَلُ لِأَنَّ جَزَاءَهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَحْوِ السَّيِّئَاتِ، وَعَلَى عِتْقِ عَشْرِ رِقَابٍ، وَعَلَى إِثْبَاتِ مِائَةِ حَسَنَةٍ، وَالْحِرْزِ مِنَ الشَّيْطَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute