ابْنِ حَجَرٍ: لَكُمْ. وَقَالَ وَفِي نُسْخَةٍ: عَلَيْكُمْ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ جَزَاءُ أَعْمَالِكُمْ، تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ الْمُبْهَمِ، وَقِيلَ: هُوَ رَاجِعٌ إِلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ، وَعَلَى أَفْجَرَ قَلْبِ رَجُلٍ، وَهُوَ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ وَالطَّالِحَةُ، أَيْ: لَيْسَ نَفْعُ أَعْمَالِكُمْ رَاجِعًا إِلَيَّ بَلْ إِلَيْكُمْ (ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا) : التَّوْفِيَةُ إِعْطَاءُ حَقٍّ وَاحِدٍ عَلَى التَّمَامِ أَيْ: أُعْطِيكُمْ جَزَاءَ أَعْمَالِكُمْ وَافِيًا تَامًّا، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌ. (فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا) أَيْ: تَوْفِيقَ خَيْرٍ مِنْ رَبِّهِ وَعَمَلَ خَيْرٍ مِنْ نَفْسِهِ (فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ) أَيْ: عَلَى تَوْفِيقِهِ إِيَّاهُ لِلْخَيْرِ لِأَنَّهُ الْهَادِي (وَمِنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ) أَيْ: شَرًّا أَوْ أَعَمَّ مِنْهُ (فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ) : لِأَنَّهُ صَدَرَ مِنْ نَفْسِهِ، أَوْ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى ضَلَالِهِ الَّذِي أُشِيرَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: كُلُّكُمْ ضَالٌّ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْخَيْرَ مِنَ اللَّهِ، وَالشَّرَّ مِنَ النَّفْسِ. وَهَذَا غَرِيبٌ وَعَجِيبٌ مِنْهُ إِذْ تَقَرَّرَ فِي الْمُعْتَقَدِ، وَتَحَرَّرَ فِي الْمُعْتَمَدِ، أَنَّ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ كُلَّهُ مِنَ اللَّهِ خَلْقًا، وَمِنَ الْعَبْدِ كَسْبًا، خِلَافًا لِلْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ مِنْ أَهْلِ الْبِدْعَةِ، نَعَمْ يُنْسَبُ الشَّرُّ إِلَى النَّفْسِ أَدَبًا مَعَ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا قِيلَ فِي قَوْلِهِ: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: ٨٠] وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «الْخَيْرُ بِيَدَيْكَ وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ» ". وَكَانَ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ إِذَا حَدَّثَ هَذَا الْحَدِيثَ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ تَعْظِيمًا. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute