٢٣٧١ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " «لَنْ يُنْجِيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ، قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَتِهِ فَسَدِّدُوا، وَقَارِبُوا، وَاغْدُوا، وَرُوحُوا بِشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ، وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٢٣٧١ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَنْ يُنْجِيَ) أَيْ: مِنَ النَّارِ وَلَنْ لِمُجَرَّدِ النَّفْيِ، وَقِيلَ لِتَوْكِيدِهِ، وَمَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّهَا لِتَأْبِيدِهِ، وَالْمَعَانِي الثَّلَاثَةُ كُلُّهَا صَحِيحَةٌ هُنَا (أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ) يَعْنِي بَلْ فَضْلُ اللَّهِ وَرَحْمَتُهُ ; فَإِنَّ لَهُ تَعَالَى أَنْ يُعَذِّبَ الطَّائِعَ وَيُثِيبَ الْعَاصِيَ، وَأَيْضًا فَالْعَمَلُ وَإِنْ بَلَغَ مَا بَلَغَ لَا يَخْلُو عَنْ نَوْعٍ مِنَ التَّقْصِيرِ الْمُقْتَضِي لِرَدِّهِ لَوْلَا تَفَضُّلُ اللَّهِ بِقَبُولِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ تَوْهِينَ أَمْرِ الْعَمَلِ وَنَفْيَهُ، بَلْ تَوْقِيفَ الْعِبَادِ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ إِنَّمَا يَتِمُّ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ كَيْلَا يَتَكَلَّمُوا عَلَى أَعْمَالِهِمُ اغْتِرَارًا بِهَا، وَقَالَ زَيْنُ الْعَرَبِ: يَعْنِي أَنَّ النَّجَاةَ وَالْفَوْزَ بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَالْعَمَلُ فِيهَا غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِيهِمَا إِيجَابًا، وَالْخِطَابُ لِلصَّحَابَةِ وَالْمُرَادُ مَعْشَرُ بَنِي آدَمَ، أَوِ الْمُكَلَّفِينَ تَغْلِيبًا (قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ) قَالَ الطِّيبِيُّ: الظَّاهِرُ وَلَا إِيَّاكَ، أَيْ لِلْعَطْفِ عَلَى (أَحَدًا) فَعَدَلَ إِلَى الْجُمْلَةِ الْإِسْمِيَّةِ أَيْ مِنَ الْفِعْلِيَّةِ الْمُقَدَّرَةِ مُبَالَغَةً، أَيْ: وَلَا أَنْتَ مِمَّنْ يُنْجِيهِ عَمَلُهُ: اسْتِبْعَادٌ عَنْ هَذِهِ النِّسْبَةِ إِلَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ فَهِمُوا قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَنْ يُنْجِيَ، وَإِنَّمَا أَرَادُوا التَّثْبِيتَ فِيمَا فَهِمُوهُ وَحَيْثُ يَتَأَيَّدُ بِهِ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ، وَأَنَّ خِطَابَ الْأُمَّةِ يَشْمَلُهُ، وَهُمَا مَسْئَلَتَانِ مَذْكُورَتَانِ فِي الْأُصُولِ (قَالَ وَلَا أَنَا) مُطَابِقُ وَلَا أَنْتَ، أَيْ: وَلَا أَنَا مِمَّنْ يُنْجِيهِ عَمَلُهُ (إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ) أَيْ: يَسْتُرَنِي (مِنْهُ بِرَحْمَتِهِ) وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ أَيْ: إِلَّا أَنْ يُلْبِسَنِي لِبَاسَ رَحْمَتِهِ فَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute