٢٣٨٧ - وَعَنْ عَلِيٍّ «أَنَّ فَاطِمَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَشْكُو إِلَيْهِ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنَ الرَّحَى، وَبَلَغَهَا أَنَّهُ جَاءَهُ رَقِيقٌ، فَلَمْ تُصَادِفْهُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ، قَالَ: فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا فَذَهَبْنَا نَقُومُ، فَقَالَ: " عَلَى مَكَانِكُمَا "، فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمِهِ عَلَى بَطْنِي، فَقَالَ: " أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا؛ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضْجَعَكُمَا فَسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ» ". (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
ــ
٢٣٨٧ - (وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَتَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ أَيْ: بَيْتَهُ، وَهُوَ غَيْرُ مَفْهُومٍ مِنَ الْحَدِيثِ (تَشْكُو إِلَيْهِ) إِمَّا مَفْعُولٌ لَهُ بِحَذْفِ أَنْ تَخْفِيفًا أَيْ: أَتَتْ إِلَيْهِ إِرَادَةَ أَنْ تَشْكُوَ، أَوْ حَالٌ مُقَدَّرَةٌ مِنْ فَاعِلِ أَتَتْ أَيْ: مُقَدِّرَةً الشَّكْوَى (مَا تَلْقَى) أَيْ: مِنَ الْمَشَقَّةِ الْكَائِنَةِ (فِي يَدِهَا) وَفِي نُسْخَةٍ فِي يَدَيْهَا (مِنَ الرَّحَى) أَيْ: مِنْ أَثَرِ إِدَارَةِ الرَّحَى (وَبَلَغَهَا) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ أَتَتْ أَيْ: وَقَدْ بَلَغَ فَاطِمَةَ (أَنَّهُ) أَيِ: الشَّأْنَ (جَاءَهُ) أَيِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (رَقِيقٌ) مِنَ السَّبْيِ وَالرَّقِيقِ الْمَمْلُوكِ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْجَمَاعَةِ (فَلَمْ تُصَادِفْهُ) أَيْ: لَمْ تَجِدْ فَاطِمَةُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِهِ (فَذَكَرَتْ) عَطْفٌ عَلَى أَتَتْ (ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ) كَذَا نُسَخُ الْمُتُونِ خِلَافُ نُسَخِ الشَّرْحِ (قَالَ) أَيْ: عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا) أَيْ: جَاءَنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَالَ كَوْنِنَا مُضْطَجِعِينَ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ بَعْدَ فَجَاءَانَا أَيْ: هُوَ وَهِيَ، غَيْرُ مُطَابِقٍ لِظَاهِرِ الْعَرَبِيَّةِ (فَذَهَبْنَا نَقُومُ) أَيْ: شَرَعْنَا وَقَصَدْنَا لِنَقُومَ لَهُ (فَقَالَ: عَلَى مَكَانِكُمَا) أَيِ: اثْبُتَا عَلَى مَا أَنْتُمَا عَلَيْهِ مِنَ الِاضْطِجَاعِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ أَيِ: الْزَمَاهُ وَلَا تَقُومَا مِنْهُ، وَالْمُرَادُ دَوْمًا وَاثْبُتَا عَلَى مَا أَنْتُمَا عَلَيْهِ، فَانْعِكَاسٌ لِأَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ حَاصِلُ الْمَعْنَى (فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمِهِ) وَفِي نُسْخَةٍ قَدَمَيْهِ (عَلَى بَطْنِي) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَاطِمَةَ وَعَلِيًّا كَانَا تَحْتَ لِحَافٍ وَاحِدٍ، وَعَلَى أَنَّ عَلِيًّا كَانَ عُرْيَانًا مَاعَدَا الْعَوْرَةَ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ مِنْ أَنَّهُ وَضَعَ قَدَمَيْهِ الْكَرِيمَتَيْنِ فَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ مِنْ أَنَّهُ وَضَعَ قَدَمَيْهِ عَلَى بَطْنِهِمَا لِيَسْرِيَ إِلَيْهِمَا إِلَخْ (فَقَالَ: أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا) أَيْ: طَلَبْتُمَا مِنَ الرَّقِيقِ، يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى طَلَبٍ بِلِسَانِ الْقَالِ أَوِ الْحَالِ أَوْ، نَزَلَ رِضَاهُ مَنْزِلَةَ السُّؤَالِ، أَوْ لِكَوْنِ حَاجَةِ النِّسَاءِ حَاجَةَ الرِّجَالِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ تَأْتِ لِلسُّؤَالِ إِلَّا بِإِذْنِ عَلِيٍّ فَيُحْتَمَلُ لَا يُجْزَمُ بِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ الْكَلَامُ إِلَى تَقْدِيرِ قَالَا نَعَمْ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ ; فَإِنَّ أَلَا تَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلتَّنْبِيهِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الْهَمْزَةَ لِلِاسْتِفْهَامِ لِمَا كَانَ مِنَ الْمَعْلُومِ مَيْلُ الدَّلَالَةِ عَلَى الْخَيْرِ. فَقَالَ قَبْلَ الْجَوَابِ ( «إِذَا أَخَذْتُمَا مَضْجَعَكُمَا فَسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ» ) قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلْمَصَابِيحِ: فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ التَّكْبِيرُ أَوَّلًا، وَكَانَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ يُرَجِّحُهُ وَيَقُولُ: تَقَدُّمُ التَّسْبِيحِ يَكُونُ عَقِيبَ الصَّلَاةِ وَتَقَدُّمُ التَّكْبِيرِ عِنْدَ النَّوْمِ، أَقُولُ: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ تَارَةً وَيُؤَخَّرُ أُخْرَى عَمَلًا بِالرِّوَايَتَيْنِ وَهُوَ أَوْلَى وَأَحْرَى مِنْ تَرْجِيحِ الصَّحِيحِ عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ تَحْصِيلُ هَذَا الْعَدَدِ وَبِأَيِّهِنَّ بُدِئَ لَا يَضُرُّ كَمَا وَرَدَ فِي سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدِ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ، وَفِي تَخْصِيصِ الزِّيَادَةِ بِالتَّكْبِيرِ إِيمَاءٌ إِلَى الْمُبَالَغَةِ فِي إِثْبَاتِ الْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الصِّفَاتِ التَّنْزِيهَيَّةَ وَالثُّبُوتِيَّةَ الْمُسْتَفَادَةَ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالْحَمْدِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ (فَهُوَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنَ الذِّكْرِ (خَيْرٌ) أَيْ: أَفْضَلُ (لَكُمَا) أَيْ خَاصَّةً لِأَنَّكُمَا مِنْ أَرْبَابِ الْكَمَالِ، وَكَذَا لِأَتْبَاعِكُمَا مِنْ أَصْحَابِ الْحَالِ (مِنْ خَادِمٍ) الْخَادِمُ وَاحِدُ الْخَدَمِ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَهَذَا تَحْرِيضٌ عَلَى الصَّبْرِ عَلَى مَشَقَّةِ الدُّنْيَا وَمَكَارِهِهَا مِنَ الْفَقْرِ وَالْمَرَضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَفْضَلِيَّةِ الْفَقِيرِ الصَّابِرِ عَلَى الْغَنِيِ الشَّاكِرِ فَهُوَ عَلَى بَابِهِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَوْلُهُ مَعَ وُجُودِ مِنَ التَّفْضِيلِيَّةِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute