٢٣٨٦ - وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمْنَا وَسَقَانَا وَكَفَانَا وَآوَانَا فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ وَلَا مُئْوِيَ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
٢٣٨٦ - (وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَكَفَانَا» ) أَيْ: دَفَعَ عَنَّا شَرَّ الْمَوْذِيَاتِ، أَوْ كَفَى مُهِمَّاتِنَا وَقَضَى حَاجَاتِنَا (وَآوَانَا) قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ وَأَوَيْتُ مَقْصُورٌ، وَأَمَّا آوَانَا فَمَمْدُودٌ هَذَا هُوَ الْفَصِيحُ الْمَشْهُورُ، وَحُكِيَ الْقَصْرُ فِيهِمَا وَحُكِيَ الْمَدُّ فِيهِمَا اهـ. أَيْ: رَزَقَنَا مَسَاكِنَ وَهَيَّأَ لَنَا الْمَأْوَى، وَزَادَ ابْنُ حَجَرٍ مَعَ تَيْسِيرِ الْخَدَمِ وَتَوَفُّرِ الْمُؤَنِ فِي السَّلَامَةِ خَالِيًا مِنَ الْأَمْرَاضِ وَالْمِحَنِ اهـ وَهُوَ غَيْرُ مَفْهُومٍ مِنَ الْحَدِيثِ كَمَا لَا يَخْفَى (فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْهَمْزِ فَهُوَ سَهْوٌ (وَلَا مُئْوِيَ) بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ وَلَهُ مُقَدَّرٌ أَيْ: فَكَمْ شَخْصٍ لَا يَكْفِيهِمُ اللَّهُ شَرَّ الْأَشْرَارِ ; بَلْ تَرَكَهُمْ وَشَرَّهُمْ حَتَّى غَلَبَ عَلَيْهِمْ أَعْدَاؤُهُمْ وَلَا يُهَيِّئُ لَهُمْ مَأْوًى ; بَلْ تَرَكَهُمْ يَهِيمُونَ فِي الْبَوَادِي وَيَتَأَذَّوْنَ بِالْحَرِّ وَالْبَرْدِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: ذَلِكَ قَلِيلٌ نَادِرٌ فَلَا يُنَاسِبُ كَمِ الْمُقْتَضِي لِلْكَثْرَةِ عَلَى أَنَّهُ افْتَتَحَ بِقَوْلِهِ أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا، وَيُمْكِنُ أَنْ يَنْزِلَ هَذَا عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد: ١١] فَالْمَعْنَى: أَنَّا نَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى أَنْ عَرَّفَنَا نِعَمَهُ وَوَفَّقَنَا لِأَدَاءِ شُكْرِهِ فَكَمْ مِنْ مُنْعَمٍ عَلَيْهِ لَا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ وَلَا يَشْكُرُونَ، وَكَذَلِكَ اللَّهُ مَوْلَى الْخَلْقِ كُلِّهِمْ بِمَعْنَى أَنَّهُ رَبُّهُمْ وَمَالِكُهُمْ ; لَكِنَّهُ نَاصِرٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَمُحِبٌّ لَهُمْ، فَالْفَاءُ فِي فَكَمْ لِلتَّعْلِيلِ، وَقَالَ مَوْلَانَا عِصَامُ الدِّينَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْلُهُ: فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد: ١١] مَعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَوْلَى كُلِّ أَحَدٍ أَيْ: لَا يَعْرِفُونَ مَوْلًى لَهُمْ فَلِمَ لَمْ يَتَفَرَّعْ عَلَى كَفَانَا ; بَلْ عَلَى مَعْرِفَةِ الْكَافِي الَّتِي يُسْتَفَادُ مِنَ الِاعْتِرَافِ، وَإِنَّمَا حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى الطَّعَامِ وَالسَّقْيِ وَكِفَايَةِ الْمُهِمَّاتِ فِي وَقْتِ الِاضْطِجَاعِ ; لِأَنَّ النَّوْمَ فَرْعُ الشِّبَعِ وَالرِّيِّ وَفَرَاغِ الْخَاطِرِ عَنِ الْمُهِمَّاتِ وَالْأَمْنِ مِنَ الشُّرُورِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: مَعْنَى أَوَانَا هُنَا: رَحِمَنَا، فَقَوْلُهُ: كَمْ مِمَّنْ لَا مُئْوِيَ لَهُ أَيْ: لَا رَاحِمَ وَعَاطِفَ عَلَيْهِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute