للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَمَوَاقِيتَهَا اهـ وَاخْتَارَ الطِّيبِيُّ عُمُومَ مَعْنَى التَّسْبِيحِ الَّذِي هُوَ مُطْلَقُ التَّنْزِيهِ فَإِنَّهُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ الْأَوْلَى مِنَ الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ مِنْ إِطْلَاقِ الْجُزْءِ وَإِرَادَةِ الْكُلِّ مَعَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، فَإِنَّ فَائِدَةَ الْأَعَمِّ أَتَمُّ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ قُلْتَ: كَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يُعَقِّبَ قَوْلَهُ وَلَهُ الْحَمْدُ بِقَوْلِهِ فَسُبْحَانَ اللَّهِ، كَمَا جَاءَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، وَقَوْلَهُ وَعَشِيًّا بِقَوْلِهِ وَحِينَ تُصْبِحُونَ، فَمَا فَائِدَةُ الْفَصْلِ؟ وَلِمَ خُصَّ التَّسْبِيحُ بِظَرْفِ الزَّمَانِ؟ وَالتَّحْمِيدُ بِالْمَكَانِ؟ قُلْتُ: قَدْ مَرَّ أَنَّ الْحَمْدَ أَشْمَلُ مِنَ التَّسْبِيحِ فَقَدَّمَ التَّسْبِيحَ وَعَلَّقَ بِهِ الْإِصْبَاحَ وَالْإِمْسَاءَ، وَأَخَّرَ التَّحْمِيدَ وَعَلَّقَ بِهِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَإِنَّمَا أَدْخَلَهُ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لِيَجْمَعَ فِي الْحَمْدِ بَيْنَ ظَرْفَيِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، إِذِ اقْتِرَانُ الشَّيْءِ لِلشَّيْءِ تَعَلُّقٌ مَعْنَوِيٌّ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ تَعَلُّقٌ لَفْظِيٌّ، وَلَوْ قُدِّمَ الْحَمْدُ لَاشْتَرَكَا فِي الظَّرْفَيْنِ، وَلَوْ أُخِّرَ لَخُصَّ الْحَمْدُ بِالْمَكَانِ اهـ وَمَنْ فَهِمَ حُسْنَ كَلَامِهِ وَطِيبَ مَرَامِهِ لَا يَطْعَنُ فِيهِ بِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَكَادُ يَفْهَمُ مِنْ أَصْلِهِ، أَوْ مِمَّا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ كَمَا يَعْلَمُ مَنْ تَأَمَّلَهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنَّهُ شَهَادَةٌ مِنْ نَفْسِهِ عَلَيْهِ بِقِلَّةِ الْفَهْمِ لَدَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مَرْجِعُ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ إِلَيْهِ (إِلَى قَوْلِهِ) أَيْ: تَعَالَى كَمَا فِي نُسْخَةٍ (وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَالْمَعْلُومِ وَهَذَا اقْتِصَارٌ مِنَ الرَّاوِي وَتَمَامُهُ (يُخْرِجُ الْحَيَّ) كَالْجَنِينِ وَالْفَرْخِ (مِنَ الْمَيِّتِ) كَالْمَنِيِّ وَالْبَيْضَةِ {وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} [يونس: ٣١] رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ، فَهَذَا تَفْسِيرٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَيِّ الْمُؤْمِنُ، وَمِنَ الْمَيِّتِ الْكَافِرُ، وَفِي مَعْنَاهُمَا الْعَالِمُ وَالْجَاهِلُ وَالصَّالِحُ وَالْفَاسِقُ، وَالذَّاكِرُ وَالْغَافِلُ، وَيُحْيِي الْأَرْضَ أَيْ: بِالْإِنْبَاتِ، بَعْدَ مَوْتِهَا أَيْ: يُبْسِهَا (وَكَذَلِكَ) أَيْ: مِثْلَ ذَلِكَ الْإِحْيَاءِ (تُخْرَجُونَ) مِنْ قُبُورِكُمْ أَحْيَاءً لِلْحِسَابِ وَالْعَذَابِ وَالنَّعِيمِ وَحُسْنِ الْمَآبِ (أَدْرَكَ مَا فَاتَهُ) أَيْ: مِنَ الْخَيْرِ، أَيْ: حَصَلَ لَهُ ثَوَابُ مَا فَاتَهُ مِنْ وِرْدٍ وَخَيْرٍ (فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ، وَمَنْ قَالَهُنَّ) أَيْ: تِلْكَ الْكَلِمَاتِ أَوِ الْآيَاتِ (حِينَ يُمْسِي أَدْرَكَ مَا فَاتَهُ فِي لَيْلَتِهِ) . (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) وَكَذَا ابْنُ السُّنِّيِّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>