كُلًّا مِنْهُمَا يَشْمَلُ النَّافِلَةَ وَالْوَاجِبَةَ فِي الِاحْتِيَاجِ إِلَى كَمَالِ الْإِخْلَاصِ، وَمِنْهَا أَنَّ كَوْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ الضِّيَافَةِ الْوَاجِبَةِ غَيْرُ مَعْلُومٍ مِنَ الْحَدِيثِ، وَمِنْهَا أَنَّ النَّفْلَ قَدْ يُتَخَيَّلُ فِي مُقَابَلَةِ الدُّعَاءِ بِخِلَافِ الْوَاجِبِ، وَلِذَا قِيلَ الْفَرْضُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الرِّيَاءُ، وَمِنْهَا أَنَّ الْعُلَمَاءَ جَعَلُوا هَذَا الدُّعَاءَ سُنَّةً لِمَنْ أَكَلَ مِنْ طَعَامِ الْغَيْرِ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَطْلُبَهُ أَوْ لَا يَطْلُبَهُ فَبَطَلَ قَوْلُهُ: إِنَّ مِنْ هَذَا يُؤْخَذُ أَنَّ الْمُضِيفَ إِذَا سَأَلَ مِنَ الضَّيْفِ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ سُنَّ لِلضَّيْفِ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ ; لِأَنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَسْأَلْهُ لَا يَسْأَلُهُ لَا يُسَنُّ لَهُ، وَأَقُولُ: الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ لِلْمُضِيفِ أَنْ يَسْأَلَ الدُّعَاءَ مِنَ الضَّيْفِ لِفِعْلِ الصَّحَابَةِ وَتَقْرِيرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَيْهِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَمِنْهَا أَنَّ طَلَبَ الدُّعَاءِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ مَطْلُوبٌ فَمَا الْبَاعِثُ عَلَى هَذَا الْغَرَضِ الْمَذْمُومِ وَأَمْثَالِهِمَا (فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِيمَا رَزَقْتَهُمْ) وَعَلَامَةُ الْبَرَكَةِ الْقَنَاعَةُ وَتَوْفِيقُ الطَّاعَةِ (وَاغْفِرْ لَهُمْ) أَيْ: ذُنُوبَهُمْ (وَارْحَمْهُمْ) بِالتَّفَضُّلِ عَلَيْهِمْ بِالْوَاوِ فِيهِمَا، قَالَ الشَّيْخُ الْجَزَرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَالَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي جَمِيعِ أُصُولِ مُسْلِمٍ فَاغْفِرْ لَهُمْ بِالْفَاءِ وَكَذَلِكَ فَارْحَمْهُمْ فِي أَكْثَرِهَا، وَلَيْسَ رِوَايَةُ فَجَعَلَ يُلْقِي النَّوَى عَلَى ظَهْرِ إِصْبَعَيْهِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ بَلْ هِيَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) وَكَذَا التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْحِصْنِ وَلَفْظُهُ: " فَاغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ " بِالْفَاءِ فِي الْأَوَّلِ وَبِالْوَاوِ فِي الثَّانِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute