للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٤٤٥ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا رَفَّأَ الْإِنْسَانَ إِذَا تَزَوَّجَ، قَالَ (بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، وَبَارَكَ عَلَيْكُمَا، وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ» ) . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ.

ــ

٢٤٤٥ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا رَفَّأَ الْإِنْسَانَ) : بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ بَعْدَهَا هَمْزٌ أَيْ: أَرَادَ دُعَاءً لِلْمُتَزَوِّجِ مِنَ التَّرْفِئَةِ مَهْمُوزِ اللَّامِ بِمَعْنَى التَّهْنِئَةِ، وَإِذَا شَرْطِيَّةٌ وَقَوْلُهُ: (إِذَا تَزَوَّجَ: ظَرْفِيَّةٌ مَحْضَةٌ أَيْ: إِذَا هَنَّأَ لَهُ دَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ حِينَ تَزَوُّجِهِ، وَالتَّرْفِئَةُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُتَزَوِّجِ: بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ، وَالرِّفَاءِ بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ الِالْتِئَامُ وَالِاتِّفَاقُ، مِنْ رَفَأْتُ الثَّوْبَ أَيْ أَصْلَحْتُهُ، وَقِيلَ: السُّكُونُ وَالطُّمَأْنِينَةُ، ثُمَّ اسْتُعِيرَ لِلدُّعَاءِ لِلْمُتَزَوِّجِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَقَدْ نَهَى عَنْ قَوْلِهِمْ: بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ، مَعَ مَا فِيهِ مِنَ التَّنْفِيرِ عَنِ الْبَنَاتِ وَالتَّقْرِيرِ لِبُغْضِهِنَّ فِي قُلُوبِ الرِّجَالِ، لِكَوْنِهِ مِنْ عَادَاتِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَقُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَدَلَهُ وَنِعْمَ الْبَدَلُ فَإِنَّهُ أَتَمُّ فَائِدَةً، وَأَعَمُّ عَائِدَةً مَا رَوَاهُ الرَّاوِي بِقَوْلِهِ: قَالَ: (بَارَكَ اللَّهُ لَكَ) : أَيْ: بِالْخُصُوصِ، أَيْ أَكْثَرَ لَكَ الْخَيْرَ فِي هَذَا الْأَمْرِ الْمُحْتَاجِ إِلَى الْإِمْدَادِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: ٣٢] وَبِقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم - (ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُغْنِيَهُمْ) ذَكَرَ مِنْهُمُ الْمُتَزَوِّجَ يُرِيدُ الْعَفَافَ، (" وَبَارَكَ عَلَيْكُمَا ") بِنُزُولِ الْخَيْرِ وَالرَّحْمَةِ وَالرِّزْقِ وَالْبَرَكَةِ فِي الذُّرِّيَّةِ، (وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ) : أَيْ: فِي طَاعَةٍ وَصِحَّةٍ وَعَافِيَةٍ وَسَلَامَةٍ وَمُلَاءَمَةٍ وَحُسْنِ مُعَاشَرَةٍ وَتَكْثِيرِ ذَرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ. قِيلَ: قَالَ أَوَّلًا بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، لِأَنَّهُ الْمَدْعُوُّ لَهُ أَصَالَةً أَيْ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي هَذَا الْأَمْرِ، ثُمَّ تَرَقَّى مِنْهُ وَدَعَا لَهُمَا، وَعَدَّاهُ بِعَلَى بِمَعْنَى بَارَكَ عَلَيْهِ بِالذَّرَارِيِّ وَالنَّسْلِ، لِأَنَّهُ الْمَطْلُوبُ مِنَ التَّزَوُّجِ، وَأَخَّرَ حُسْنَ الْمُعَاشَرَةِ وَالْمُرَافَقَةِ وَالِاسْتِمْتَاعِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ الْأَوَّلَ هُوَ النَّسْلُ، وَهَذَا تَابِعٌ لَهُ. ثُمَّ قَالَ الطِّيبِيُّ: وَإِنَّمَا أَتَى بِقَوْلِهِ: رَفَّأَ وَقَيَّدَهُ بِالظَّرْفِ لِيُؤْذِنَ بِأَنَّ التَّرْفِيَةَ مُحْتَرَزٌ عَنْهَا وَأَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِقَوْلِهِ: وَظَاهِرُ كَلَامِ شَارِحٍ أَنَّهُ كَانَ مَشْرُوعًا ثُمَّ نُسِخَ بِمَا قَالَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَيَحْتَاجُ إِلَى سَنَدٍ صَحِيحٍ يُصَرِّحُ بِذَلِكَ اهـ. وَفِيهِ بَحْثٌ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ) : الْمَفْهُومُ مِنَ الْحِصْنِ أَنَّ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ، وَأَنَّ الْمَجْمُوعَ رَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>