للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٤٤٨ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ: هُمُومٌ لَزِمَتْنِي وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: (أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلَامًا إِذَا قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّكَ، وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ؟) قَالَ: قُلْتُ: بَلَى. قَالَ (قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحُزْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ) . قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، فَأَذْهَبَ اللَّهُ هَمِّي، وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

ــ

٢٤٤٨ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: هُمُومٌ) : جَمْعُ الْهَمِّ وَحَذْفُ الْخَبَرِ لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: (لَزِمَتْنِي) : عَلَيْهِ (وَدُيُونٌ) : عَطْفٌ عَلَى هُمُومٍ، أَيْ: وَدُيُونٌ لَزِمَتْنِي، فَلَزِمَتْنِي صِفَةٌ لِلنَّكِرَةِ مُخَصِّصَةٌ لَهُ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أَقُولُ: هُمُومٌ لَزِمَتْنِي: مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ: شَرٌّ أَهَرَّ ذَا نَابٍ أَيْ: هُمُومٌ عَظِيمَةٌ لَا يُقَادَرُ قَدْرُهَا، وَدُيُونٌ جَمَّةٌ نَهَّضَتْنِي وَأَثْقَلَتْنِي اهـ. وَالْأَصْلُ فِي الْعَطْفِ الْمُغَايَرَةُ، فَانْدَفَعَ قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِبَيَانِ أَنَّ تِلْكَ الْهُمُومَ هَمُّ تِلْكَ الدُّيُونِ، وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ: (الدَّيْنُ هَمٌّ بِاللَّيْلِ مَذَلَّةٌ بِالنَّهَارِ) . قُلْنَا: لَا مُنَاقَشَةَ فِي أَنَّ الدَّيْنَ هَمٌّ، بَلْ وَرَدَ: لَا هَمَّ إِلَّا هَمُّ الدَّيْنِ، وَلَكِنَّ بَقَاءَ الْهُمُومِ عَلَى الْعُمُومِ، ثُمَّ الْعَطْفَ بِالْخُصُوصِ أَوْلَى مِنَ التَّفْسِيرِ وَالْبَيَانِ وَأَبْلَغُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّكَ وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ) . (يَا رَسُولَ اللَّهِ!) : كَأَنَّ فِيهِ اسْتِغَاثَةً بِهِ إِيمَاءً إِلَى عَظَمَةِ مِحْنَتِهِ الَّتِي لَا يَدْفَعُهَا إِلَّا مَنْزِلَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْجَامِعَةُ لِمَرْتَبَتَيِ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ اللَّتَيْنِ هُمَا التَّوَسُّطُ وَالتَّعَلُّقُ وَالتَّوَسُّلُ إِلَى الْحَقِّ تَعَالَى (قَالَ: (أَفَلَا أُعَلِّمُكَ) ، عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ: أَلَا أُرْشِدُكَ فَلَا أُعَلِّمُكَ، وَقِيلَ: أَصْلُهُ فَأَلَا أُعَلِّمُكَ، ثُمَّ قُدِّمَتِ الْهَمْزَةُ لِأَنَّ لَهَا صَدْرَ الْكَلَامِ، وَهُوَ أَظْهَرُ لِبُعْدِهِ عَنِ التَّكَلُّفِ بَلِ التَّعَسُّفِ، فَإِنَّهُ لَا يَبْقَى لِلْفَاءِ فَائِدَةٌ. وَأَغْرَبَ ابْنُ حَجَرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>