للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢٥٣٢ - وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ: غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، أَوْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ) .

ــ

٢٥٣٢ - (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ) أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، (قَالَتْ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ مَنْ أَهَلَّ» ) أَيْ أَحْرَمَ، (بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ) أَوْ لِلتَّنْوِيعِ، (مِنَ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) قِيلَ إِنَّمَا خَصَّ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى لِفَضْلِهِ، وَبِرَغْمِ الْمِلَّةِ الَّتِي مَحَجُّهَا بَيْتُ الْمَقْدِسِ، ( «إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ» ) أَيْ مِنَ الصَّغَائِرِ وَيُرْجَى الْكَبَائِرِ، (أَوْ وَجَبَتْ) أَيْ ثَبَتَتْ لَهُ الْجَنَّةُ) أَيِ ابْتِدَاءً، وَأَوْ لِلشَّكِّ قِيلَ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَوْضِعَ الْإِحْرَامِ مَتَى كَانَ أَبْعَدَ كَانَ الثَّوَابُ أَكْثَرَ اهـ.

وَاعْلَمْ أَنَّ تَقْدِيمَ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمَوَاقِيتِ وَمِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ أَفْضَلُ عِنْدَنَا، وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ الَّذِي صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهَذَا إِذَا كَانَ يَمْلِكُ نَفْسَهُ بِأَنْ لَا يَقَعَ فِي مَحْظُورٍ، وَإِلَّا فَالتَّأْخِيرُ إِلَى الْمِيقَاتِ أَفْضَلُ بِخِلَافِ تَقْدِيمِ الْإِحْرَامِ عَلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ عِنْدَنَا، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، فَإِنَّهُ فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ عَنْهُ أَنَّهُ يَنْقَلِبُ عُمْرَةً وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إِحْرَامُهُ، (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ) قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ رَوَى الْحَاكِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي التَّفْسِيرِ مِنَ الْمُسْتَدْرَكِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ الْمُرِّيِّ قَالَ سُئِلَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] فَقَالَ أَنْ تُحْرِمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ، وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ اهـ.

وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَنْ «أَهَلَّ مِنَ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ بِنَحْوِهِ.

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَحْرَمَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَعِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ مِنَ الْبَصْرَةِ، وَابْنَ عَبَّاسٍ مِنَ الشَّامِ، وَابْنَ مَسْعُودٍ مِنَ الْقَادِسِيَّةِ وَهِيَ قَرِيبُ الْكُوفَةِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ الْمَتْنِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَآخَرُونَ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّهُ حَسَنٌ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَيْسَ بِقَوِيٍّ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا، لِأَنَّ الْحَسَنَ لِغَيْرِهِ يُقَالُ فِيهِ إِنَّ إِسْنَادَهُ لَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي دَاوُدَ لَا يَصِحُّ تَقَدُّمُ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمِيقَاتِ فَمَرْدُودٌ، لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ عَلَى الصِّحَّةِ، وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>