للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْفَصْلُ الثَّانِي

٢٥٧٤ - عَنِ الْمُهَاجِرِ الْمَكِّيِّ، قَالَ: «سُئِلَ جَابِرٌ عَنِ الرَّجُلِ يَرَى الْبَيْتَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ نَكُنْ نَفْعَلُهُ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ.

ــ

الْفَصْلُ الثَّانِي

٢٥٧٤ - (وَعَنِ الْمُهَاجِرِ الْمَكِّيِّ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابِعِيٌّ، لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُؤَلِّفُ فِي أَسْمَاءِ رِجَالِهِ. (قَالَ: سُئِلَ جَابِرٌ عَنِ الرَّجُلِ يَرَى الْبَيْتَ) ، وَفِي نُسْخَةٍ: عَنِ الرَّجُلِ الَّذِي يَرَى الْبَيْتَ (يَرْفَعُ يَدَيْهِ) أَيْ: هُوَ مَشْرُوعٌ أَمْ لَا؟ (فَقَالَ: قَدْ حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ نَكُنْ نَفْعَلُهُ) أَيْ: رَفْعَ الْيَدِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ فِي الدُّعَاءِ، قَالَهُ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمُ اللَّهُ - تَعَالَى، خِلَافًا لِأَحْمَدَ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ - تَعَالَى، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ أَيْضًا، فَإِنَّهُمْ صَرَّحُوا أَنَّهُ يُسَنُّ إِذَا رَأَى الْبَيْتَ، أَوْ وَصَلَ لِمَحَلٍّ يَرَى مِنْهُ الْبَيْتَ، إِنْ لَمْ يَرَهُ لِعَمًى، أَوْ فِي ظُلْمَةٍ أَنْ يَقِفَ، وَيَدْعُوَ رَافِعًا يَدَيْهِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ) .

قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَعَالَى: أَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: سَمِعْتُ مِنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَلِمَةً مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ سَمِعَهَا غَيْرِي، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِذَا رَأَى الْبَيْتَ قَالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، فَحَيِّنَا بِالسَّلَامِ.

وَأَسْنَدَ الشَّافِعِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ إِذَا رَأَى الْبَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَقَالَ: (اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا، وَتَعْظِيمًا، وَتَكْرِيمًا، وَمَهَابَةً، وَزِدْ مَنْ شَرَّفَهُ، وَكَرَّمَهُ مِمَّنْ حَجَّهُ، وَاعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا، وَتَكْرِيمًا، وَتَعْظِيمًا، وَبِرًّا) » . وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ مُرْسَلٍ مُعْضَلٍ، وَيُعَضِّدُهُ الْخَبَرُ الضَّعِيفُ بِرَفْعِ الْأَيْدِي فِي اسْتِقْبَالِ الْبَيْتِ، ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ.

وَأَمَّا خَبَرُ التِّرْمِذِيِّ، وَحَسَّنَهُ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى أَحَدًا يَفْعَلُ هَذَا، أَيِ: الرَّفْعَ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ إِلَّا الْيَهُودَ. قَدْ حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفَكُنَّا نَفْعَلُهُ، أَوْ لَا؟

فَالْجَوَابُ عَنْهُ: أَنَّ الْمُثْبِتِينَ لِلرَّفْعِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ مَعَهُمْ زِيَادَةُ عِلْمٍ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: رِوَايَةُ غَيْرِ جَابِرٍ: فِي إِثْبَاتِ الرَّفْعِ أَشْهَرُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَالْقَوْلُ فِي مِثْلِ هَذَا قَوْلُ مَنْ أَثْبَتَ.

أَقُولُ: الْأَوْلَى الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُحْمَلَ الْإِثْبَاتُ عَلَى أَوَّلِ رُؤْيَةٍ، وَالنَّفْيُ عَلَى كُلِّ مَرَّةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>