٢٥٧٦ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «الطَّوَافُ حَوْلَ الْبَيْتِ مِثْلُ الصَّلَاةِ، إِلَّا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ، فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ فَلَا يَتَكَلَّمَنَّ إِلَّا بِخَيْرٍ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ، وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ جَمَاعَةً وَقَفُوهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ.
ــ
٢٥٧٦ - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " الطَّوَافُ حَوْلَ الْبَيْتِ) احْتِرَازٌ مِنَ الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا، وَالْمَرْوَةِ (مِثْلُ الصَّلَاةِ) بِالرَّفْعِ عَلَى الْخَبَرِيَّةِ، وَجُوِّزَ النَّصْبُ أَيْ: نَحْوَهَا (إِلَّا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ) أَيْ: تَعْتَادُونَ الْكَلَامَ فِيهِ، إِمَّا مُتَّصِلٌ أَيْ مِثْلُهَا فِي كُلِّ مُعْتَبَرٍ فِيهَا وَجُودًا وَعَدَمًا إِلَّا التَّكَلُّمَ يَعْنِي: وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْمُنَافِيَاتِ مِنَ الْأَكْلِ، وَالشُّرْبِ، وَسَائِرِ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ، وَإِمَّا مُنْقَطِعٌ أَيْ: لَكِنْ رُخِّصَ لَكُمْ فِي الْكَلَامِ، وَفِي الْعُدُولِ - عَنْ قَوْلِهِ: " إِلَّا الْكَلَامَ " إِلَى مَا قَالَ - نُكْتَةٌ لَطِيفَةٌ لَا تَخْفَى، وَيُعْلَمُ مِنْ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَدَمُ شَرْطِيَّةِ الِاسْتِقْبَالِ، وَلَيْسَ لِأَصْلِ الطَّوَافِ وَقْتٌ مَشْرُوطٌ، وَبَقِيَ بَقِيَّةُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنَ الطَّهَارَةِ الْحُكْمِيَّةِ، وَالْحَقِيقِيِّةِ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ، فَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، كَالصَّلَاةِ وَوَاجِبَاتٍ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مِثْلِ الشَّيْءِ أَنْ يَكُونَ مُشَارِكًا لَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ، مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَ مِنَ الْآحَادِ، وَهُوَ ظَنِّيٌّ لَا تَثْبُتُ بِهِ الْفَرْضِيَّةُ، مَعَ الِاتِّفَاقِ أَنَّهُ يُعْفَى عَنِ النَّجَاسَةِ الَّتِي بِالْمَطَافِ إِذَا شَقَّ اجْتِنَابُهَا؛ لِأَنَّ فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَزَمَنِ أَصْحَابِهِ الْكِرَامِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ نَزَلَ فِيهِ نَجَاسَةُ ذَرَقِ الطُّيُورِ وَغَيْرِهَا، وَلَمْ يَمْتَنِعْ أَحَدٌ مِنَ الطَّوَافِ بِهِ لِأَجْلِ ذَلِكَ، وَلَا أَمَرَ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ بِتَطْهِيرِ مَا هُنَالِكَ. (فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ فَلَا يَتَكَلَّمَنَّ إِلَّا بِخَيْرٍ) : أَيْ: مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَإِفَادَةِ عِلْمٍ اسْتَفَادَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يُشَوِّشُ عَلَى الطَّائِفِينَ، وَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِمَّا يَتَكَلَّمُ الْعَوَامُّ فِي طَوَافِهِمْ هَذِهِ الْأَيَّامَ مِنْ كَلَامِ الدُّنْيَا، بَلْ مِنْ مُوجِبَاتِ الْآثَامِ، فَالنَّهْيُ الْمُؤَكَّدُ مَحْمُولٌ عَلَى كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ، أَوِ التَّنْزِيهِ، وَفِي قَوْلِ: " مِثْلُ الصَّلَاةِ " تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ مِنَ الطَّوَافِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ) : أَيْ: مَرْفُوعًا، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ، وَفِي رِوَايَةٍ: إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ فِيهِ النُّطْقَ، فَمَنْ نَطَقَ لَا يَنْطِقُ إِلَّا بِخَيْرٍ. (وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ جَمَاعَةً) : أَيْ: مِنَ الرُّوَاةِ (وَقَفُوهُ) : أَيِ: الْحَدِيثَ (عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ) : أَيْ: وَلَمْ يَرْفَعُوهُ عَنْهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكِنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute