٢٥٨١ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: ٢٠١] » . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ــ
٢٥٨١ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ) هُوَ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ، أَخَذَ عَنْهُ أَهْلُ مَكَّةَ الْقِرَاءَةَ (قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ) : أَيْ: يَدْعُو، وَيَقْرَأُ (رَبَّنَا) : مَنْصُوبٌ بِحَذْفِ حَرْفِ النِّدَاءِ (آتِنَا) : أَيْ: أَعْطِنَا (فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً) : أَيِ: الْعِلْمَ، وَالْعَمَلَ، أَوِ الْعَفْوَ، وَالْعَافِيَةَ، وَالرِّزْقَ الْحَسَنَ، أَوْ حَيَاةً طَيِّبَةً، أَوِ الْقَنَاعَةَ، أَوْ ذُرِّيَّةً صَالِحَةً (وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) : أَيِ: الْمَغْفِرَةَ، وَالْجَنَّةَ، وَالدَّرَجَةَ الْعَالِيَةَ، أَوْ مُرَافَقَةَ الْأَنْبِيَاءِ، أَوِ الرِّضَاءَ، أَوِ الرُّؤْيَةَ، أَوِ اللِّقَاءَ (وَقِنَا) : أَيِ: احْفَظْنَا (عَذَابَ النَّارِ) أَيْ: شَدَائِدَ جَهَنَّمَ مِنْ حَرِّهَا، وَزَمْهَرِيرِهَا، وَسَمُومِهَا، وَجُوعِهَا، وَعَطَشِهَا، وَنَتْنِهَا، وَضِيقِهَا، وَعَقَارِبِهَا، وَحَيَّاتِهَا، وَفَسَّرَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْحَسَنَةَ الْأُولَى بِالْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ، وَالثَّانِيَةَ بِالْحُورِ الْعِينِ، وَعَذَابَ النَّارِ بِالْمَرْأَةِ السَّلِيطَةِ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا السَّيِّدُ زَكَرِيَّا، عَنْ شَيْخِهِ قُطْبِ الْبَارِي أَبِي الْحَسَنِ الْبَكْرِيِّ: أَنَّ فِي الْآيَةِ سَبْعِينَ قَوْلًا، أَحْسَنُهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَسَنَةِ الْأُولَى اتِّبَاعُ الْمَوْلَى، وَالثَّانِيَةِ الرَّفِيقُ الْأَعْلَى، وَبِعَذَابِ النَّارِ حِجَابُ الْمَوْلَى. وَعِنْدِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَسَنَةِ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْحَسَنَةِ أَيُّ حَسَنَةٍ كَانَتْ، وَالنَّكِرَةُ قَدْ تُفِيدُ الْعُمُومَ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ} [التكوير: ١٤] وَكَذَلِكَ يُرَادُ بِالْعَذَابِ أَنْوَاعُ الْعِقَابِ، وَأَصْنَافُ الْعِتَابِ، وَإِنْ كَانَ أَشَدُّ الْعَذَابِ هُوَ الْحِجَابَ، وَاللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute