للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦٠ - وَعَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَسَنَذْكُرُ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ: (ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ) فِي كِتَابِ الْمَنَاسِكِ، وَحَدِيثَيْ مُعَاوِيَةَ وَجَابِرٍ: (لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي) . وَالْآخَرُ (لَا يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي) فِي بَابِ: ثَوَابِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

١٦٠ - (وَعَنْهُ) ، أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَأْرِزُ) : بِالْكَسْرِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَرُوِيَ بِالْفَتْحِ، وَحُكِيَ بِالضَّمِّ (إِلَى الْمَدِينَةِ) ، أَيْ: يَأْوِي وَيَنْضَمُّ وَيَنْقَبِضُ وَيَلْتَجِئُ إِلَيْهَا أَيْ تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا) ، أَيْ: ثُقْبِهَا. مِنْ أَرِزَتِ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا إِذَا رَجَعَتْ إِلَى ذَنَبِهَا الْقَهْقَرَى، قِيلَ: هِيَ أَشَدُّ فِرَارًا وَانْضِمَامًا مِنْ غَيْرِهَا، فَلِهَذَا شُبِّهَ بِهَا، وَالْمُرَادُ أَنَّ أَهْلَ الْإِيمَانِ يَفِرُّونَ بِإِيمَانِهِمْ إِلَى الْمَدِينَةِ وِقَايَةً بِهَا عَلَيْهِ، أَوْ لِأَنَّهَا وَطَنُهُ الَّذِي ظَهَرَ وَقَوِيَ بِهَا، وَهَذَا إِخْبَارٌ عَنْ آخِرِ الزَّمَانِ حِينَ يَقِلُّ الْإِسْلَامُ، وَقِيلَ: هَذَا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِاجْتِمَاعِ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فِيهَا، أَوِ الْمُرَادُ بِالْمَدِينَةِ جَمِيعُ الشَّامِ فَإِنَّهَا مِنَ الشَّامِ خُصَّتْ بِالذِّكْرِ لِشَرَفِهَا، وَقِيلَ: الْمُرَادُ الْمَدِينَةُ وَجَوَانِبُهَا وَحَوَالَيْهَا لِيَشْمَلَ مَكَّةَ فَيُوَافِقَ رِوَايَةَ الْحِجَازِ وَهَذَا أَظْهَرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

(وَسَنَذْكُرُ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ: (ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ) ، أَيْ: إِلَى آخِرِهِ (فِي كِتَابِ الْمَنَاسِكِ) : مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: سَنَذْكُرُ (وَحَدِيثَيْ مُعَاوِيَةَ) : بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ (وَجَابِرٍ) : عَطْفٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ (لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي) ، أَيْ: أَحَدِهِمَا أَوْ لَهُ هَذَا (وَ) : الْآخَرُ (لَا يَزَالُ) : بِالْيَاءِ أَوِ التَّاءِ (طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي) : كِلَاهُمَا (فِي بَابِ ثَوَابِ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) . وَهُوَ اعْتِذَارٌ مُتَضَمِّنٌ لِاعْتِرَاضٍ؛ تَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>