للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٦٢٥ - وَعَنْهَا قَالَتْ: «قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ألَا نَبْنِي لَكَ بِنَاءً يُظِلُّكَ بِمِنًى؟ قَالَ: " لَا، مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارِمِيُّ.

ــ

٢٦٢٥ - (وَعَنْهَا) أَيْ: عَنْ عَائِشَةَ (قَالَتْ: قُلْنَا) أَيْ: مَعْشَرُ الصَّحَابَةِ (يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَبْنِي) : بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ ( «لَكَ بِنَاءً يُظِلُّكَ بِمِنًى؟» ) أَيْ: يُوقِعُ الظِّلَّ عَلَيْكَ، وَلِيَكُونَ لَكَ أَبَدًا، أَوْ يُظِلُّ ظِلًّا ظَلِيلًا بِالْعِمَارَةِ؛ لِأَنَّ الْخَيْمَةَ ظِلُّهَا ضَعِيفٌ لَا يَمْنَعُ تَأْثِيرَ الشَّمْسِ بِالْكُلِّيَّةِ. (وَقَالَ: «لَا، مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ» ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ: مَوْضِعُ الْإِنَاخَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الِاخْتِصَاصَ فِيهِ بِالسَّبْقِ لَا بِالْبِنَاءِ فِيهِ، أَيْ: هَذَا مَقَامُ لَا اخْتِصَاصَ فِيهِ لِأَحَدٍ، قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: أَيْ: أَتَأْذَنُ أَنْ نَبْنِيَ لَكَ بَيْتًا فِي مِنًى لِتَسْكُنَ فِيهِ؟ فَمَنَعَ، وَعَلَّلَ بِأَنَّ مِنًى مَوْضِعٌ لِأَدَاءِ النُّسُكِ مِنَ النَّحْرِ، وَرَمْيِ الْجِمَارِ، وَالْحَلْقِ يَشْرِكُ فِيهِ النَّاسُ، فَلَوْ بَنَى فِيهَا لَأَدَّى إِلَى كَثْرَةِ الْأَبْنِيَةِ تَأَسِّيًا بِهِ، فَتَضِيقُ عَلَى النَّاسِ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ الشَّوَارِعِ، وَمَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ: أَرْضُ الْحَرَمِ مَوْقُوفَةٌ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا أَحَدٌ اهـ.

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: إِنَّمَا لَمْ يَأْذَنْ فِي الْبِنَاءِ لِنَفْسِهِ وَلِلْمُهَاجِرِينَ، لِأَنَّهَا دَارٌ هَاجَرُوا مِنْهَا إِلَى اللَّهِ، فَلَمْ يَخْتَارُوا أَنْ يَعُودُوا إِلَيْهَا وَيَبْنُوا فِيهَا اهـ. وَفِيهِ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يُخَالِفُ تَعْلِيلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَنَّ مِنًى لَيْسَتْ دَارًا هَاجَرُوا مِنْهَا. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارِمِيُّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>