٢٦٣٩ - وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «كُنَّا لَا نَأْكُلُ مِنْ لُحُومِ بُدْنِنَا فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَرَخَّصَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " كُلُوا وَتَزَوَّدُوا " فَأَكَلْنَا، وَتَزَوَّدْنَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٢٦٣٩ - (وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: كُنَّا لَا نَأْكُلُ مِنْ لُحُومِ بُدْنِنَا) أَيِ: الَّتِي نُضَحِّي بِهَا (فَوْقَ ثَلَاثٍ) أَيْ: مِنَ الْأَيَّامِ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ (فَرَخَّصَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) : قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَعَالَى: نَهَى أَوَّلًا أَنْ يُؤْكَلَ لَحْمُ الْهَدْيِ، وَالْأُضْحِيَّةِ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ رَخَّصَ (فَقَالَ: كُلُوا وَتَزَوَّدُوا) أَيِ: ادَّخِرُوا مَا تَزَوَّدُونَهُ فِيمَا تَسْتَقْبِلُونَهُ مُسَافِرِينَ، أَوْ مُجَاوِرِينَ (فَأَكَلْنَا وَتَزَوَّدْنَا) : قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: إِذَا كَانَ وَاجِبًا بِأَصْلِ الشَّرْعِ، كَدَمِ التَّمَتُّعِ، وَالْقِرَانِ، وَدَمِ الْإِفْسَادِ، وَجَزَاءِ الصَّيْدِ، لَمْ يَجُزْ لِلْمَهْدِيِّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَعَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَفِي الشُّمُنِّيِّ: وَيَأْكُلُ اسْتِحْبَابًا مِنْ هَدْيِ تَطَوُّعٍ، وَمُتْعَةٍ، وَقِرَانٍ فَقَطْ، لِمَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ: «ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ، فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ، فَأَكَلَا مَنْ لَحْمِهَا، وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا» ، وَلِأَنَّهَا دِمَاءُ نُسُكٍ كَالْأُضْحِيَّةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْهَدَايَا، لِأَنَّهَا دِمَاءُ كَفَّارَاتٍ.
قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ قَارِنًا عَلَى مَا رَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ أَيِ: النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَدْيُ الْقِرَانِ لَا يَسْتَغْرِقُ مِائَةَ بَدَنَةٍ، فَعُلِمَ أَنَّهُ أَكَلَ مِنْ هَدْيِ الْقِرَانِ، وَالتَّطَوُّعِ، إِلَّا أَنَّهُ إِنَّمَا أَكَلَ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ مَا صَارَ إِلَى الْحَرَمِ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَبْلُغْ بِأَنْ عَطِبَ وَذَبَحَهُ فِي الطَّرِيقِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَرَمِ تَتَيَسَّرُ الْقُرْبَةُ فِيهِ بِالْإِرَاقَةِ، وَفِي غَيْرِ الْحَرَمِ لَا تَحْصُلُ بِهِ، بَلْ بِالتَّصَدُّقِ، فَلَا بُدَّ مِنَ التَّصَدُّقِ لِتَحْصُلَ، وَلَوْ أَكَلَ مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِمَّا لَا يَحِلُّ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ ضَمِنَ مَا أَكَلَهُ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَوْ أَكَلَ لُقْمَةً ضَمِنَهُ كُلَّهُ، وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ لُحُومِ الْهَدَايَا، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهُ، فَإِنْ بَاعَ شَيْئًا، أَوْ أَعْطَى الْجَزَّارَ أُجْرَةً مِنْهُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهِ، وَحَيْثُ مَا جَازَ الْأَكْلُ لِلْمُهْدِي ; جَازَ أَنْ يَأْكُلَ الْأَغْنِيَاءُ، وَأَيْضًا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثِهَا وَيُهْدِيَ ثُلُثَهَا. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
وَفِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ: " «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنِ الِادِّخَارِ مِنْ أَجْلِ الرَّأْفَةِ، وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالسَّعَةِ، فَادَّخِرُوا مَا بَدَا لَكُمْ» " وَهَلْ يَعُودُ التَّحْرِيمُ بِعَوْدِ السَّنَةِ وَالْقَحْطِ؟ فِيهِ نَصَّانِ لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ، وَالْأَصَحُّ عَدَمُ عَوْدِهِ، ثُبُوتَ نُسْخَةٍ، سَوَاءٌ كَانَ فِي تَحْرِيمٍ أَوْ تَنْزِيهٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute