٢٦٧٥ - وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " «إِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ» ".
ــ
٢٦٧٥ - (وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ، وَالنَّسَائِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) : بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا (قَالَ: إِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ) : أَيْ: جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَحَلَقَ وَلَوْ قَبْلَ الذَّبْحِ (فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ) : أَيْ: جِمَاعَهُنَّ بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى يَطُوفَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ، وَلَوْ قَبْلَ السَّعْيِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - الْحَدِيثَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ فِيهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ بِسَنَدٍ آخَرَ هُوَ فِيهِ أَيْضًا. وَقَالَ: " «إِذَا رَمَيْتَ وَحَلَقْتُمْ وَذَبَحْتُمْ» ". وَقَالَ: لَمْ يَرْوِهِ إِلَّا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَيَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ بِطِيبٍ فِيهِ مِسْكٌ» ، فَلَا يُعَارِضُهُ مَا اسْتَدَلَّ لِمَالِكٍ بِحَدِيثٍ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: مِنْ سُنَّةِ الْحَجِّ إِنْ رَمَى الْجَمْرَةَ الْكُبْرَى حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ حَتَّى يَزُورَ الْبَيْتَ» وَقَالَ: عَلَى شَرْطِهِمَا اهـ.
وَإِنْ كَانَ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ مِنَ السَّنَةِ حُكْمُهُ الرَّفْعُ، وَكَذَا مَا عَنْ عُمَرَ بِطْرِيقٍ مُنْقَطِعٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ مَا حُرِّمَ إِلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ، ذَكَرَهُ وَانْقِطَاعُهُ فِي الْإِمَامِ، كَذَا حَقَّقَهُ ابْنُ الْهُمَامِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ السَّمْعِيَّاتِ يُفِيدُ أَنَّهُ أَيِ: الرَّمْيُ هُوَ السَّبَبُ لِلتَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ، وَعَنْ هَذَا نُقِلَ عَنِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: أَنَّ الْحَلْقَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَاللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ وَهُوَ وَاجِبٌ عِنْدَنَا لِأَنَّ التَّحَلُّلَ وَالْوَاجِبَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِهِ، وَيَحْمِلُونَ مَا ذَكَرْنَا عَلَى إِضْمَارِ الْحَلْقِ أَيْ: إِذَا رَمَى وَحَلَقَ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ عَطْفِهِ عَلَى الشَّرْطِ. وَفِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ: قَوْلُهُ - تَعَالَى: {ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} [الحج: ٢٩] هُوَ الْحَلْقُ وَاللُّبْسُ عَلَى مَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَقَوْلُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ إِنَّهُ الْحَلْقُ وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَقَوْلُهُ - تَعَالَى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ} [الفتح: ٢٧] الْآيَةَ. أَخْبَرَ بِدُخُولِهِمْ مُحَلِّقِينَ، فَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ الْمُحَلِّقِينَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَالَةَ الدُّخُولِ فِي الْعُمْرَةِ، لِأَنَّهَا حَالٌ مُقَدَّرَةٌ، ثُمَّ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِيَارِهِمْ، فَلَا بُدَّ مِنَ الْوُجُوبِ الْحَامِلِ عَلَى الْوُجُودِ، فَيُوجَدُ الْمُخْبَرُ بِهِ ظَاهِرًا وَغَالِبًا، لِيُطَابِقَ الْأَخْبَارَ، غَيْرَ أَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ ظَنِّيٌ، فَيَثْبُتُ بِهِ الْوُجُوبُ لَا الْقَطْعُ. وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: يُسَنُّ تَأْخِيرُ الْوَطْءِ عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَلَى مَا قَالُوهُ فَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " «أَيَّامُ مِنًى أَكْلٌ وَشُرْبٌ وَبِعَالٌ» " أَيْ جِمَاعٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute