٢٦٧٦ - وَعَنْهَا قَالَتْ: «أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى، فَمَكَثَ بِهَا لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، يَرْمِي الْجَمْرَةَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، كُلَّ جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَيَقِفُ عِنْدَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فَيُطِيلُ الْقِيَامَ وَيَتَضَرَّعُ، وَيَرْمِي الثَّالِثَةَ فَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ــ
٢٦٧٦ - (وَعَنْهَا) : أَيْ: عَنْ عَائِشَةَ ( «قَالَتْ: أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ» ) : أَيْ: طَافَ لِلزِّيَارَةِ فِي آخِرِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَهُوَ أَوَّلُ أَيَّامِ النَّحْرِ (حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى ثُمَّ أَفَاضَ، وَهُوَ خِلَافُ مَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ لِاتِّفَاقِهَا عَلَى أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ بَعْدَ الطَّوَافِ مَعَ اخْتِلَافِهَا أَنَّهُ صَلَّاهَا بِمَكَّةَ أَوْ مِنًى. نَعَمْ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى يَوْمٍ آخَرَ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ، بِأَنْ صَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى وَنَزَلَ فِي آخِرِ يَوْمِهِ مَعَ نِسَائِهِ لِطَوَافِ زِيَارَتِهِنَّ. وَأَغْرَبَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي قَوْلِهِ: حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ، لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ: (وَالْعَصْرَ مَعًا) فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَوَقَفَ، ثُمَّ أَفَاضَ مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَمَا سَبَقَ اهـ. وَبَعَّدَهُ حَيْثُ لَيْسَ هَذَا فِي مَحَلِّهِ لَا يَخْفَى، بَلْ لَا يَصِحُّ كَمَا يُعْلَمُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ لِقَوْلِهَا: (ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى، فَمَكَثَ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا أَيْ لَبِثَ وَبَاتَ (بِهَا) : أَيْ: بِمِنًى ( «لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَرْمِي الْجَمْرَةَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، كُلَّ جَمْرَةٍ» ) : بِالنَّصْبِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ وَبِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَائِيَّةِ (وَبِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ وَيَقِفُ عِنْدَ الْأُولَى) أَيْ: أُولَى الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ (وَالثَّانِيَةِ) : وَهِيَ الْوُسْطَى (فَيُطِيلُ الْقِيَامَ) : لِلْأَذْكَارِ مِنَ التَّكْبِيرِ وَالتَّوْحِيدِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالتَّمْجِيدِ. (وَيَتَضَرَّعُ) : أَيْ: إِلَى اللَّهِ بِأَنْوَاعِ الدَّعَوَاتِ وَعَرْضِ الْحَاجَاتِ (وَيَرْمِي الثَّالِثَةَ) : وَهِيَ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ (فَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا) : أَيْ: لِلدُّعَاءِ، لِأَنَّهُ لَا يَدْعُو عِنْدَهَا أَوْ بَعْدَهَا، وَلَعَلَّ ذَلِكَ لِضِيقِ الْمَقَامِ وَازْدِحَامِ الْأَنَامِ، وَإِلَّا فَالدُّعَاءُ انْسَبُ بَعْدَ الِاخْتِتَامِ، وَأَغْرَبَ ابْنُ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِقَوْلِهِ: تَفَاؤُلًا بِقَبُولِ الْوَقُوفَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) : قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ ابْنُ حَبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْهُمَامِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute