قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: وَكَانَ قَدِ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَقَتَلَ مُسْلِمًا كَانَ يَخْدِمُهُ وَاتَّخَذَ جَارِيَتَيْنِ تُغَنِّيَانِ بِهَجْوِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ الْكِرَامِ وَأَحْكَامِ الْإِسْلَامِ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ يَعْنِي قِصَاصًا، وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْحَرَمَ لَا يَمْنَعُ مِنْ إِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَى مَنْ جَنَى خَارِجَهُ وَالْتَجَأَ إِلَيْهِ، أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ إِنَّمَا قَتَلَهُ لِارْتِدَادِهِ انْفِرَادًا، أَوْ مَعَ انْضِمَامِ قَتْلِ النَّفْسِ، وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ قَتَلَهُ قِصَاصًا يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَجَازَ ذَلِكَ لَهُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَتْلَهُ لَمْ يَكُنْ لِلْقِصَاصِ عَدَمُ وُجُودِ شُرُوطِهِ مِنَ الْمُطَالَبَةِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ، وَبِهِ بَطَلَ قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ، وَتَأْوِيلُ أَبِي حَنِيفَةَ لَهُ بِأَنَّ هَذَا كَانَ فِي السَّاعَةِ الَّتِي أُحِلَّتْ لَهُ، وَحِينَئِذٍ مَكَّةُ كَغَيْرِهَا بِخِلَافِهَا بَعْدَهَا مَرْدُودٌ بِوَضْعِ الْمِغْفَرِ، لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وَضْعِهِ نَقَضُ أَمْرِهِ، وَنَهْيُهُ فِي حُكْمِهِ مِنْ يَوْمِهِ عَلَى أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ أَذِنَ فِي قَتْلِ جَمَاعَةٍ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَإِنْ كَانُوا مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، مِنْهُمْ هَذَا وَهُوَ أَشَدُّهُمْ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute