٢٧٦٣ - وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " «ثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ، وَمَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ، وَكَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
٢٧٦٣ - (وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ) : اسْتَدَلَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْكَلْبِ مُعَلَّمًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ غَيْرُ جَائِزٍ، وَجَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَةَ. وَأَجَابَ عَنِ الْحَدِيثِ بِأَنَّ لَفْظَ الْخَبِيثِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْحُرْمَةِ لِمَا فِي الْخَبَرِ، وَكَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ اتِّفَاقًا فَقَوْلُهُ: خَبِيثٌ أَيْ: لَيْسَ بِطَيِّبٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ، وَإِطْلَاقُ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ حُصُولِهِ بِأَدْنَى الْمَكَاسِبِ، (وَمَهْرُ الْبَغِيِّ) : بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَهُوَ فَعَوْلٌ فِي الْأَصْلِ بِمَعْنَى الْفَاعِلَةِ مِنْ بَغَتِ الْمَرْأَةُ بِغَاءً بِالْكَسْرِ إِذَا زَنَتْ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} [النور: ٣٣] وَالْمَعْنَى مَهْرُ الزَّانِيَةِ (خَبِيثٌ) أَيْ: حَرَامٌ إِجْمَاعًا لِأَنَّهَا تَأْخُذُهُ عِوَضًا عَنِ الزِّنَا الْمُحَرَّمِ، وَوَسِيلَةُ الْحَرَامِ حَرَامٌ، وَسَمَّاهُ مَهْرًا مَجَازًا لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ (وَكَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ) : أَيْ: مَكْرُوهٌ لِدَنَاءَتِهِ. قَالَ الْقَاضِي: الْخَبِيثُ فِي الْأَصْلِ مَا يُكْرَهُ لِرَدَاءَتِهِ وَخِسَّتِهِ، وَيُسْتَعْمَلُ لِلْحَرَامِ مِنْ حَيْثُ كَرِهَهُ الشَّارِحُ وَاسْتَرْذَلَهُ، كَمَا يُسْتَعْمَلُ الطَّيِّبُ لِلْحَلَالِ. قَالَ - تَعَالَى: {وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} [النساء: ٢] أَيِ الْحَرَامَ بِالْحَلَالِ، وَلَمَّا كَانَ مَهْرُ الزَّانِيَةِ وَهُوَ مَا تَأْخُذُهُ عِوَضًا عَنِ الزِّنَا حَرَامًا ; كَانَ الْخَبِيثُ الْمُسْنَدُ إِلَيْهِ بِمَعْنَى الْحَرَامِ، وَكَسْبُ الْحَجَّامِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ حَرَامًا لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ كَانَ الْمُرَادُ مِنَ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ الثَّانِي، وَأَمَّا نَهْيُ بَيْعِ الْكَلْبِ، فَمَنْ صَحَّحَهُ كَالْحَنَفِيَّةِ فَسَّرَهُ بِالدَّنَاءَةِ، وَمَنْ لَمْ يُصَحِّحْهُ كَأَصْحَابِنَا فَسَّرَهُ بِأَنَّهُ حَرَامٌ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute