للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٧٧٣ - وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يُرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ وَرَوَى الدَّارِمِيُّ الْفَصْلَ الْأَوَّلَ.

ــ

٢٧٧٣ - (وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ: بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ (دَعْ) : أَيِ: اتْرُكْ (مَا يَرِيبُكَ) : بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّهَا وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ، وَالرَّيْبُ الشَّكُّ وَقِيلَ: هُوَ الشَّكُّ مَعَ التُّهْمَةِ " إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ ": قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَيْ: مَا اعْتَرَضَ لَكَ الشَّكُّ فِيهِ مُنْقَلِبًا عَنْهُ إِلَى مَا لَا شَكَّ فِيهِ، يُقَالُ: دَعْ ذَلِكَ إِلَى ذَلِكَ أَيِ: اسْتَبْدِلْهُ بِهِ. اهـ. وَالْمَعْنَى: اتْرُكْ مَا تَشُكُّ فِيهِ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ أَنَّهُ نَهْيٌ عَنْهُ أَوَّلًا أَوْ سُنَّةٌ أَوْ بِدْعَةٌ، وَأَعْدِلْ إِلَى مَا لَا تَشُكُّ فِيهِ مِنْهُ، وَالْمَقْصُودُ أَنْ يَبْنِيَ الْمُكَلَّفُ أَمْرَهُ عَلَى الْيَقِينِ الْبَحْتِ وَالتَّحْقِيقِ الصِّرْفِ، وَيَكُونُ عَلَى بَصِيرَةٍ فِي دِينِهِ (فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ وَإِنَّ الْكَذِبَ) : بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِ الذَّالِ، وَفِي نُسْخَةِ السَّيِّدِ ضَبَطَهُ بِكَسْرِ الْكَافِ وَسُكُونِ الذَّالِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَفْصَحُ الْوَاقِعُ فِي الْقُرْآنِ وَالثَّانِي لُغَةٌ، وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّهُ إِذَا قُوبِلَ بِالصِّدْقِ فَهُوَ أَوْلَى لِحُسْنِ الْمُوَازَنَةِ بَيْنَهُمَا، (رِيبَةٌ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَحَقِيقَتُهَا قَلَقُ النَّفْسِ وَاضْطِرَابُهَا، فَإِنَّ كَوْنَ الْأَمْرِ مَشْكُوكًا فِيهِ مِمَّا يَقْلَقُ لَهُ النَّفْسُ، وَكَوْنُهُ صَحِيحًا صَادِقًا مِمَّا تَطْمَئِنُّ لَهُ، وَمِنْهُ رَيْبُ الْمَنُونِ أَيْ مَا يُقْلِقُ النُّفُوسَ مِنْ حَوَادِثِ الدَّهْرِ، وَقِيلَ الْمَوْتُ هَذَا، وَقَدْ قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: جَاءَ هَذَا الْقَوْلُ مُمَهِّدًا لِمَا تَقَدَّمَهُ مِنَ الْكَلَامِ، وَمَعْنَاهُ إِذَا وَجَدْتَ نَفْسَكَ تَرْتَابُ فِي الشَّيْءِ فَاتْرُكْهُ، فَإِنَّ نَفْسَ الْمُؤْمِنِ تَطْمَئِنُّ إِلَى الصِّدْقِ وَتَرْتَابُ مِنَ الْكَذِبِ، فَارْتِيَابُكَ فِي الشَّيْءِ مُنْبِئٌ عَنْ كَوْنِهِ بَاطِلًا أَوْ مَظَنَّةً لِلْبَاطِلِ فَاحْذَرْهُ، وَاطْمِئْنَانُكَ إِلَى الشَّيْءِ مُشْعِرٌ بِكَوْنِهِ حَقًّا فَاسْتَمْسِكْ بِهِ، وَالصِّدْقُ وَالْكَذِبُ يُسْتَعْمَلَانِ فِي الْمَقَالِ وَالْفِعَالَ وَمَا يَحِقُّ أَوْ يَبْطُلُ مِنَ الِاعْتِقَادِ، وَهَذَا الْأَمْرُ مَخْصُوصٌ بِذَوِي النُّفُوسِ الشَّرِيفَةِ الْقُدْسِيَّةِ الطَّاهِرَةِ مِنْ أَوْضَارِ الذُّنُوبِ وَأَوْسَاخِ الْآثَامِ. اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>