للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ: مَعْنَاهُ إِذَا كُنْتَ صَحِيحَ الْخَاطِرِ طَاهِرَ الْبَاطِنِ، مُرَاقِبًا لِلْغَيْبِ وَتَعْرِفُ لَمَّةَ الْمَلَكِ مِنْ لَمَّةِ الشَّيْطَانِ، وَالْإِلْهَامَ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ، وَكُنْتَ مُمَيِّزًا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ بِنُورِ الْفِرَاسَةِ وَصَفَاءِ الْقَلْبِ. دَعْ مَا يَرِيبُكَ مِنَ الْأُغْلُوطَاتِ وَالشُّبَهَاتِ النَّفْسَانِيَّةِ وَالشَّيْطَانِيَّةِ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ مِمَّا يَنْزِلُ بِقَلْبِكَ وَعَقْلِكَ وَرُوحِكَ مِنَ الْإِلْهَامِ الْإِلَهِيِّ وَالْعِلْمِ اللَّدُنِّيِّ الْمُطَابِقِ لِلْكِتَابِ وَالْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ، وَكَمَا أَنَّ تَرْكَ مَا يَرِيبُكَ مَأْمُورٌ، فَتَرْكُ مَا يُرِيبُ مَأْمُورٌ، فَتَرْكُ مَا يُرِيبُ الْغَيْرَ مِمَّا يَصْعُبُ عَلَى أَفْهَامِ الْعَامَّةِ أَوْلَى كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ الْأَعْلَى -:

إِنِّي لَأَكَتْمُ مِنْ عِلْمِي جَوَاهِرَهُ ... كَيْلَا يَرَى الْحَقَّ ذُو جَهْلٍ فَيَفْتِنَنَا

يَا رُبَّ جَوْهَرِ عِلْمٍ لَوْ أَبُوحُ بِهِ ... لَقِيلَ لِي أَنْتَ مِمَّنْ يَعْبُدُ الْوَثَنَا

وَلَاسْتَحَلَّ رِجَالٌ مُسْلِمُونَ دَمِي ... يَرَوْنَ أَقْبَحَ مَا يَرَوْنَهُ حَسَنًا

(رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ) ، أَيِ: الْحَدِيثَ بِكَمَالِهِ (وَرَوَى الدَّارِمِيُّ الْفَصْلَ الْأَوَّلَ) أَيِ الْجُمْلَةَ الْأُولَى فَقَطْ وَهِيَ: (دَعْ مَا يَرِيبُكَ) وَسَمَّاهُ فَصْلًا لِأَنَّ الْأَخِيرَ مُفَرَّعٌ وَالْأَوَّلُ: مُفَرَّعٌ عَلَيْهِ، فَصَارَا كَالْفَصْلَيْنِ مِنَ الْكَلَامِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا ارْتِبَاطٌ تَامٌّ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>