للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٧٩١ - وَعَنْ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنَّ رَجُلًا كَانَ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ أَتَاهُ الْمَلَكُ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ، فَقِيلَ لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ مَنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُ. قِيلَ لَهُ: انْظُرْ. قَالَ: مَا أَعْلَمُ شَيْئًا، غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا وَأُجَازِيهِمْ فَأُنْظِرُ الْمُوسِرَ، وَأَتَجَاوَزُ عَنِ الْمُعْسِرِ، فَأَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٢٧٩١ - (وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَانَ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ ") بِحَذْفِ صَدْرِ الصِّلَةِ، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ عَلَى الْأَصْلِ، فَإِنَّ الصِّلَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا جُمْلَةً (" أَتَاهُ الْمَلَكُ ") : أَيْ: عِزْرَائِيلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ بَعْضُ أَتْبَاعِهِ، وَجُمِعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ظَاهِرُهَا التَّعَارُضُ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُقَدِّمَاتِ قَدْ يَتَوَلَّاهَا هُوَ وَقَدْ يَتَوَلَّاهَا أَتْبَاعُهُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَقْبِضُ الْأَرْوَاحَ وَمَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ أَوِ الْعَذَابِ يَتَنَاوَلُونَهَا مِنْهُ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ - تَعَالَى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} [السجدة: ١١] وَأَمَّا الْقَابِضُ الْحَقِيقِيُّ فَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: ٤٢] (" فَقِيلَ لَهُ ") : أَيْ قَالَهُ سُبْحَانَهُ أَوْ بَعْضُ الْمَلَائِكَةِ، وَمَا أَبْعَدَ مَنْ قَالَ: أَوْ بَعْضُ النَّاسِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا السُّؤَالَ قَبْلَ قَبْضِ رُوحِهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ أَوَّلُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ الْمُظْهِرُ: هَذَا السُّؤَالُ مِنْهُ كَانَ فِي الْقَبْرِ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْقِيَامَةِ. (" هَلْ عَمِلْتَ مِنْ شَيْءٍ ") وَفِي نُسْخَةٍ بِتَقْدِيمِ اللَّامِ أَيْ: هَلْ عَمِلْتَ مِنْ خَيْرٍ عَلِمْتَ بِهِ. (" قَالَ: مَا أَعْلَمُ. قِيلَ لَهُ: انْظُرْ ") : أَيْ: تَفَكَّرْ وَتَدَبَّرْ (" قَالَ: مَا أَعْلَمُ شَيْئًا، غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ ") : أَيْ قَبْلَ ذَلِكَ (" أُبَايِعُ النَّاسَ ") : أَيْ أُعَامِلُهُمْ (فِي الدُّنْيَا) : أَيْ فِي أُمُورِهَا (وَأُجَازِيهِمْ) : أَيْ أَحْسِنُ إِلَيْهِمْ حِينَ أَتَقَاضَاهُمْ (فَأُنْظِرُ الْمُوسِرَ) : مِنَ الْإِنْظَارِ، أَيْ أُمْهِلُ الْغَنِيَّ (وَأَتَجَاوَزُ عَنِ الْمُعْسِرِ) : أَيْ أَعْفُو عَنِ الْفَقِيرِ وَإِبْرَاءِ ذِمَّتِهِ عَنِ الدَّيْنِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (فَأَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ) : قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: فِيهِ فَضْلُ إِنْظَارِ الْمُعْسِرِ وَالْوَضْعِ عَنْهُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، وَفَضْلُ الْمُسَامَحَةِ فِي الِاقْتِضَاءِ مِنَ الْمُوسِرِ، وَفِيهِ عَدَمُ احْتِقَارِ أَفْعَالِ الْخَيْرِ، فَلَعَلَّهُ يَكُونُ سَبَبًا لِلسَّعَادَةِ وَالرَّحْمَةِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>