٢٨١٧ - «وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: اشْتَرَيْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ قِلَادَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ فَفَصَّلْتُهَا فَوَجَدْتُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ " لَا تُبَاعُ حَتَّى تُفَصَّلَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
٢٨١٧ - (وَعَنْ فَضَالَةَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ (ابْنِ عُبَيْدٍ) مُصَغَّرًا (قَالَ: اشْتَرَيْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ) أَيْ فِي عَامِهَا (قِلَادَةً) بِكَسْرِ الْقَافِ مَا يُقَلَّدُ فِي الْعُنُقِ وَنَحْوَهُ (بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ) بِفَتْحِ مُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ فَزَايٍ مَعْرُوفٌ (فَفَصَّلْتُهَا) بِالتَّشْدِيدِ أَيْ مَيَّزْتُ ذَهَبَهَا وَخَرَزَهَا بَعْدَ الْعَقْدِ (فَوَجَدْتُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَا تُبَاعُ) أَيِ الْقِلَادَةُ بَعْدَ هَذَا نَفْيٌ بِمَعْنَى نَهْيٍ (حَتَّى تُفَصَّلَ) فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: وَيُرْوَى حَتَّى أَرَادَ بِهِ التَّمْيِيزَ بَيْنَ الْخَرَزِ وَالذَّهَبِ فِي الْعَقْدِ لَا تَمْيِيزَ عَيْنِ الْمَبِيعِ بَعْضِهِ عَنْ بَعْضٍ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ مَالَ الرِّبَا بِجِنْسِهِ وَمَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ آخَرُ مِثْلَ إِنْ بَاعَ دِرْهَمًا وَثَوْبًا بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ بِدِينَارَيْنِ أَوْ بَاعَ دِرْهَمًا وَثَوْبًا بِدِرْهَمَيْنِ وَثَوْبٍ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْجِنْسِ فِي أَحَدِ شِقَّيِ الصَّفْقَةِ يُوجِبُ تَوْزِيعَ مَا مُقَابَلَتُهُمَا عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، وَالتَّقْوِيمُ تَقْدِيرٌ وَجَهْلٌ لَا يُفِيدُ مَعْرِفَةً فِي الرِّبَا اهـ. كَلَامُهُ وَفِيهِ أَنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ إِنَّمَا هِيَ كَوْنُ مُقَابَلَةِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَزِيَادَةِ الْفَضْلِ الْمُوجِبَةِ لِحُصُولِ الرِّبَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ ذَهَبُ الْمَبِيعِ أَنْقَصَ مِنْ ذَهَبِ الثَّمَنِ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ حِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ صَرْفُهَا إِلَى مَا عَدَا الذَّهَبَ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى قَوَاعِدِ مَذْهَبِنَا، وَاللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى جَوَازِ بَيْعِ الدِّرْهَمِ بِنِصْفِهِ وَفُلُوسٍ أَوْ طَعَامٍ لِلضَّرُورَةِ، وَمَنَعَ مَا فَوْقَ ذَلِكَ اهـ. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ: يَجُوزُ بَيْعُ الطَّعَامِ مُكَايَلَةً وَمُجَازَفَةً أَيْ بِلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ بَلْ بِقِرَاءَةِ الصُّبْرَةِ، وَالْجَزْفُ فِي الْأَخْذِ بِكَثْرَةٍ مِنْ قَوْلِهِمْ جَزَفَ لَهُ فِي الْكَيْلِ إِذَا كَثُرَ وَمَرْجِعُهُ إِلَى الْمُسَاهَلَةِ. قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: وَهَذَا يَعْنِي الْبَيْعَ مُجَازَفَةً مُقَيِّدٌ بِغَيْرِ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ إِذَا بِيعَتْ بِجِنْسِهَا، فَأَمَّا الْأَمْوَالُ الرِّبَوِيَّةُ إِذَا بِيعَتْ بِجِنْسِهَا فَلَا تَجُوزُ مُجَازَفَةً لِاحْتِمَالِ الرِّبَا وَهُوَ مَانِعٌ كَحَقِيقَةِ الرِّبَا. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَهَذَا أَيْضًا مُقَيَّدٌ بِمَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْكَيْلِ مِنْهَا وَأَمَّا مَا لَا يَدْخُلُ كَحَفْنَةٍ بِحَفْنَتَيْنِ فَيَجُوزُ، وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَرِهَ التَّمْرَةَ وَالتَّمْرَتَيْنِ فَقَالَ: مَا حَرُمَ فِي الْكَثِيرِ حَرُمَ فِي الْقَلِيلِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute