٢٨٧٠ - وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ يَضْمَنْ، وَلَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» ".
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
ــ
٢٨٧٠ - (وَعَنْهُ) أَيْ عَنِ ابْنِ عُمَرَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَحِلُّ سَلَفٌ) بِفَتْحَتَيْنِ (وَبَيْعٌ) أَيْ مَعَهُ يَعْنِي مَعَ السَّلَفِ بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مَشْرُوطًا فِي الْآخَرِ. قَالَ الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّهُ: السَّلَفُ يُطْلَقُ عَلَى السَّلَمِ وَالْقَرْضِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا شَرْطُ الْقَرْضِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، أَيْ لَا يَحِلُّ بَيْعٌ مَعَ شَرْطِ سَلَفٍ بِأَنْ يَقُولَ مَثَلًا: بِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ بِعَشَرَةٍ عَلَى أَنْ تُقْرِضَنِي عَشَرَةً، نَفَى الْحِلَّ اللَّازِمَ لِلصِّحَّةِ لِيَدُلَّ عَلَى الْفَسَادِ مِنْ طَرِيقِ الْمُلَازَمَةِ، وَالْعِلَّةُ فِيهِ وَفَى كُلِّ عَقْدٍ تَضَمَّنَ شَرْطًا لَا يَثْبُتُ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ مَا مَرَّ فِي الْحَدِيثِ السَّالِفِ، وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يُقْرِضَهُ قَرْضًا وَيَبِيعَ مِنْهُ شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ ; لِأَنَّ قَرْضَهُ رَوَّجَ مَتَاعَهُ بِهَذَا الثَّمَنِ، وَكُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا حَرَامٌ (وَلَا شَرْطَانَ فِي بَيْعٍ) فُسِّرَ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا لِلْبَيْعَتَيْنِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا بِشَرْطَيْنِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: بِعْتُ مِنْكَ هَذَا الثَّوْبَ بِكِذَا عَلَى أَنْ أُقَصِّرَهُ وَأَخِيطَهُ، وَكَبَيْعٍ بِشَرْطِ أَنْ يُؤَجِّرَ دَارَهُ وَيُعِيرَ عَبْدَهُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ، وَبَنَى عَلَى مَفْهُومِهِ جَوَازَ الشَّرْطِ الْوَاحِدِ وَهُوَ ضَعِيفٌ إِذْ لَا فَرْفَ بَيْنَ الشَّرْطِ الْوَاحِدِ وَالشَّرْطَيْنِ فِي الْمَعْنَى، وَلِأَنَّهُ رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ» ، وَلَعَلَّ تَخْصِيصَ الشَّرْطَيْنِ لِلْعَادَةِ الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ، هَذَا وَمَفْهُومُ الْمُخَالِفِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ عِنْدَنَا مُطْلَقًا، وَمَفْهُومُ الْعَدَدِ غَيْرُ حُجَّةٍ عِنْدَ جُمْهُورِ مَنْ يُجَوِّزُ الْمَفْهُومَ أَيْضًا، ثُمَّ الْمُرَادُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ يَضْمَنْ) يُرِيدُ بِهِ الرِّبْحَ الْحَاصِلَ مِنْ بَيْعِ مَا اشْتَرَاهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ وَيَنْتَقِلَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ إِلَى ضَمَانِهِ فَإِنَّ بَيْعَهُ فَاسِدٌ. فِي شَرْحِ السُّنَّةِ قِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ الرِّبْحَ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِنَّمَا يَحِلُّ أَنْ لَوْ كَانَ الْخُسْرَانُ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْخُسْرَانُ عَلَيْهِ كَالْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ إِذَا تَلِفَ فَإِنَّ ضَمَانَهُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا يَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَرِدَّ مَنَافِعَهُ الَّتِي انْتَفَعَ بِهَا الْبَائِعُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَمْ يَدْخُلْ بِالْقَبْضِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَحِلُّ لَهُ رَبِحُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بَيْعُهُ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالرِّبْحِ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ وَأَنْ يُرَادَ بِهِ حَقِيقَةَ الرِّبْحِ الشَّامِلِ لِلزَّوَائِدِ الْحَاصِلَةِ مِنَ الْمَبِيعِ كَاللَّبَنِ وَالْبَيْضِ (وَلَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ) سَبَقَ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ: وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute