٢٨٧١ - عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالنَّقِيعِ بِالدَّنَانِيرِ فَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّرَاهِمَ وَأَبِيعُ بِالدِّرْهَمِ فَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّنَانِيرَ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ " قَالَ: «لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارِمِيُّ.
ــ
٢٨٧١ - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالنَّقِيعِ) فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي شَرْحِ التُّورِبِشْتِيِّ: هُوَ بِالنُّونِ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ كَانَ يَسْتَنْقِعُ فِيهِ الْمَاءُ أَيْ يَجْتَمِعُ اهـ قِيلَ ثُمَّ يَنْضَبُ وَيَنْبُتُ الْعُشْبُ، وَحَكَمَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ بِالْبَاءِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُقِيمُونَ السُّوقَ فِي الْغَرْقَدِ فِي أَكْثَرِ الْأَيَّامِ، وَقَوْلُهُ: كُنْتُ أَبِيعُ يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِمْرَارِ وَأَمَّا الْنَقِيعُ بِالنُّونِ فَهُوَ حِمًى عَلَى بُعْدِ عِشْرِينَ فَرْسَخًا فَلَا يُنَاسِبُ الِاسْتِمْرَارَ اهـ وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِأَنْ كَانَ لَهُ سُوقٌ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ فَلَا يُنَافِيهِ الِاسْتِمْرَارُ وَالدَّوَامُ (بِالدَّنَانِيرِ) أَيْ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِهَا تَارَةً (فَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّرَاهِمَ وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ) أَيْ تَارَةً أُخْرَى (" فَآخُذُ ") بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ (مَكَانَهَا الدَّنَانِيرَ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ) قِيلَ كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَأْتِيَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ بَعْدَ إِرَادَتِهِ وَقَبْلَ فِعْلِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ مِنْ أَكَابِرِ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ وَمُجْتَهِدِيهِمْ فَاجْتَهَدَ فَرَأَى جَوَازَهُ فَفَعَلَهُ ثُمَّ سَأَلً لِيَظْهَرَ لَهُ أَنَّ اجْتِهَادَهُ مُطَابِقٌ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَمْ لَا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ الِاجْتِهَادِ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ وَبِحَضْرَتِهِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ الْعَمَلُ بِالظُّنُونِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ، وَأَنَّ الرُّجُوعَ إِلَى الْيَقِينِ أَوْلَى مِنَ الِاسْتِمْرَارِ عَلَى الْمَظْنُونِ، ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ (فَقَالَ لَا بَأْسَ) أَيْ لَا حُرْمَةَ وَلَا كَرَاهَةَ (أَنْ تَأْخُذَهَا) أَيْ فِي أَخْذِهَا، وَفِي نُسْخَةٍ ضُبِطَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى (إِنْ) شَرْطِيَّةٌ ثُمَّ الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ رَاجِعٌ إِلَى أَحَدِ النَّقْدَيْنِ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ عَلَى الْبَدَلِ كَمَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ (بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا) أَيْ عَنِ الْمَجْلِسِ (وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ) أَيْ مِنْ عَمَلِ الْوَاجِبِ بِحُكْمِ عَقْدِ الصَّرْفِ وَهُوَ قَبْضُ الْبَدَلَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُ عُلَمَائِنَا.
وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ، أَيْ: شَيْءٌ مِنْ عُلْقَةِ الِاسْتِبْدَالِ وَهُوَ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ فِي بَيْعِ النَّقْدِ بِالنَّقْدِ وَلَوْ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ اهـ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ لَا تَتَعَيَّنُ حَتَّى لَوْ أَرَاهُ دِرْهَمًا اشْتَرَى بِهِ فَبَاعَهُ ثُمَّ حَبَسَهُ وَأَعْطَاهُ دِرْهَمًا آخَرَ جَازَ إِذَا كَانَا مُتَّحِدِي الْمَالِيَّةِ. قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَإِنَّمَا نَكَّرَهُ أَيْ لَفْظَ (شَيْءٌ) وَأَبْهَمَهُ لِلْعِلْمِ بِالْمُرَادِ وَأَنَّ تَقَابُضَ النَّقْدَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ مِمَّا هُوَ مَشْهُورٌ لَا يَلْتَبِسُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا بَأَسَ فِي الْجَوَابِ ثُمَّ تَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ أَنْ تَأْخُذَهَا إِلَخْ مِنْ بَابِ الْقَوْلِ بِالْمُوجِبِ كَأَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَ بَدَلَ الدَّنَانِيرِ الدَّرَاهِمَ وَبِالْعَكْسِ بِشَرْطِ التَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ، وَالتَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ بِسِعْرِ الْيَوْمِ عَلَى طَرِيقَةِ الِاسْتِحْبَابِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ يَشْتَرَطُ السَّنَةَ، يَشْتَرِطُ قَبْضَ مَا يُسْتَبْدَلُ فِي الْمَجْلِسِ سَوَاءٌ اسْتَبْدَلَ عَلَيْهِ مَا يُوَافِقُ فِي عِلَّةِ الرِّبَا وَإِنَّمَا شَرَطَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; لِأَنَّهُمَا أَعْنِي الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ مِمَّا يُوَافِقَانِ فِي عِلَّةِ الرِّبَا، وَالتَّقَابُضُ فِي أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ شَرْطٌ، وَلَوِ اسْتَبْدَلَ عَنِ الدَّيْنِ شَيْئًا مُؤَجَّلًا لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ بَيْعُ كَالِئٍ بِكَالِئٍ وَقَدْ نُهِيَ عَنْهُ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارِمِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute