بَابُ السَّلَمِ وَالرَّهْنِ
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
٢٨٨٣ - (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ، فَقَالَ: " مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
(بَابُ السَّلَمِ وَالرَّهْنِ)
السَّلَمُ بِفَتْحَتَيْنِ أَنْ تُعْطِيَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً فِي سِلْعَةٍ مَعْلُومَةٍ إِلَى أَمْرٍ مَعْلُومٍ فَكَأَنَّكَ قَدْ أَسْلَمْتَ الثَّمَنَ إِلَى صَاحِبِ السِّلْعَةِ وَسَلَّمْتَهُ إِلَيْهِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَقَالَ الرَّاغِبُ: الرَّهْنُ مَا يُوضَعُ وَثِيقَةً لِلدَّيْنِ وَالرِّهَانُ مِثْلُهُ لَكِنْ يَخْتَصُّ بِمَا يُوضَعُ فِي الْخِطَارِ وَأَصْلُهُمَا مَصْدَرٌ يُقَالُ. رَهَنْتُ الرَّهْنُ وَأَرْهَنْتُهُ رِهَانًا فَهُوَ رَهِينٌ وَمَرْهُونٌ وَيُقَالُ فِي جَمْعِ الرَّهْنِ رِهَانٌ وَرُهُنٌ وَرُهُونٌ وَارْتَهَنْتُ أَخَذْتُ الرَّهْنَ.
٢٨٨٣ - (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ) أَيْ مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ (وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ) الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ وَالْإِسْلَافُ إِعْطَاءُ الثَّمَنِ فِي مَبِيعٍ إِلَى مُدَّةٍ أَيْ يَشْتَرُونَ الثَّمَنَ فِي الْحَالِ وَيَأْخُذُونَ السِّلْعَةَ فِي الْمَالِ (السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ) مَنْصُوبَاتٌ إِمَّا عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ يَشْتَرُونَ إِلَى السَّنَةِ وَإِمَّا عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ إِسْلَافُ السَّنَةِ (فَقَالَ: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى وُجُوبِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَتَعْيِينِ الْأَجَلِ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إِنَّ جَهَالَةَ أَحَدِهِمَا مَفْسَدَةٌ لِلْبَيْعِ، قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ إِنْ أَسْلَمَ فِي مَكِيلٍ فَلْيَكُنْ كَيْلُهُ مَعْلُومًا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا اشْتِرَاطُ كَوْنِ السَّلَمِ مُؤَجَّلًا بَلْ يَجُوزُ حَالًا لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ مُؤَجَّلًا جَازَ مَعَ الْفَوْرِ فَجَوَازُ الْحَالِ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنَ الْغَرَرِ وَلَيْسَ ذِكْرُ الْأَجَلِ فِي الْحَدِيثِ لِاشْتِرَاطِ الْأَجَلِ بَلْ مَعْنَاهُ إِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا، وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِهِ حَالًا فَجَوَّزَهُ الشَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ وَمَنَعَهُ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَآخَرُونَ وَأَجْمَعُوا عَلَى اشْتِرَاطِ وَصْفِهِ بِمَا ضُبِطَ بِهِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَرَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute