٢٨٨٤ - وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتِ: «اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ إِلَى أَجَلٍ وَرَهَنَهُ دِرْعًا لَهُ مِنْ حَدِيدٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٢٨٨٤ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتِ: «اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ إِلَى أَجَلٍ وَرَهَنَهُ دِرْعًا لَهُ مِنْ حَدِيدٍ» ) فِي شَرْحِ السُّنَّةِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ، وَعَلَى جَوَازِ الرَّهْنِ بِالدَّيْنِ وَعَلَى جَوَازِ الرَّهْنِ فِي الْخُضَرِ وَإِنْ كَانَ الْكِتَابُ قَيَّدَهُ بِالسَّفَرِ وَعَلَى جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ مَعَ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَإِنْ كَانَ مَالُهُمْ لَا يَخْلُو عَنِ الرِّبَا وَثَمَنِ الْخَمْرِ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ التَّقَلُّلِ فِي الدُّنْيَا وَمُلَازِمَةِ الْفَقْرِ وَفِيهِ جَوَازُ رَهْنِ آلَةِ الْحَرْبِ عِنْدَ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْحُكْمُ بِثُبُوتِ أَمْلَاكِهِمْ عَلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَإِنَّ قَوْلَهُ - تَعَالَى - {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: ٢٨٣] مُبَيَّنٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِذْ دَلِيلُ خِطَابِهِ مَتْرُوكٌ بِهِ وَأَمَّا مُعَامَلَتُهُ مَعَ الْيَهُودِيِّ وَرَهْنُهُ عِنْدَهُ دُونَ الصَّحَابَةِ فَقِيلَ فَعَلَهُ بَيَانًا لِجَوَازِ ذَلِكَ وَقِيلَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ طَعَامٌ فَاضِلٌ عَنْ حَاجَةِ صَاحِبِهِ إِلَّا عِنْدَهُ وَقِيلَ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَا يَأْخُذُونَ رَهْنَهُ وَلَا يَتَقَاضُونَهُ الثَّمَنَ فَعَدَلَ إِلَى الْيَهُودِيِّ لِئَلَّا يُضَيِّقَ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِ مُعَامَلَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْكُفَّارِ إِذَا لَمْ يَتَحَقَقْ تَحْرِيمُ مَا مَعَهُمْ لَكِنْ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ بَيْعُ السِّلَاحِ وَمَا يَسْتَعِينُونَ بِهِ فِي إِقَامَةِ دِينِهِمْ وَلَا بَيْعُ الْمُصْحَفِ وَلَا عَبْدٍ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ مُطْلَقًا (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ يَجُوزُ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ حَالٍ وَمُؤَجَّلٍ لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ - تَعَالَى - {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] وَمَا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ بَيْعٌ، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ وَفِي لَفْظِ الصَّحِيحَيْنِ: طَعَامًا بِنَسِيئَةٍ، وَقَدْ سُمِّيَ هَذَا الْيَهُودِيُّ فِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيِّ أَخْرَجَهُ عَنْ جَابِرٍ: «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَهَنَ دِرْعًا عِنْدَ أَبِي الشَّحْمِ» ، رَجُلٍ مِنْ بَنِي ظَفَرَ فِي شَعِيرِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا لِأَنَّ جَهَالَتَهُ تُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ فِي التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ فَهَذَا يُطَالِبُهُ فِي قَرِيبِ الْمُدَّةِ وَذَلِكَ فِي بَعِيدِهَا، وَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي مَوْضِعِ شَرْطِ الْأَجَلِ وَهُوَ السَّلَمُ أَوْجَبَ فِيهِ التَّعْيِينَ حَيْثُ قَالَ: " «مَنْ أَسْلَفَ فِي ثَمَرَةٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» " وَعَلَى كُلِّ ذَلِكَ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute