للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْفَصْلُ الثَّانِي

٢٨٨٧ - (عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ " «لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ الرَّهْنَ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ، لَهُ غُنْمُهُ، وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» . رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مُرْسَلًا.

ــ

(الْفَصْلُ الثَّانِي)

٢٨٨٧ - (عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ الْمُشَدَّدَةِ تَابِعِيٌّ جَلِيلٌ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَا يَغْلَقُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَاللَّامِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ لَا يَمْنَعُ (الرَّهْنُ) أَيْ عَقْدُهُ (الرَّهْنَ) أَيِ الْمَرْهُونَ (مِنْ صَاحِبِهِ) أَيْ مَالِكِ الْمَرْهُونِ (الَّذِي رَهَنَهُ) أَيْ صَاحِبُهُ بِحَيْثُ يَزُولُ عَنْهُ مَنْفَعَتُهُ بَلْ يَكُونُ الْمَرْهُونُ كَالْبَاقِي فِي مِلْكِ الرَّاهِنِ وَفَى النِّهَايَةِ أَيْ لَا يَسْتَفِكُّهُ صَاحِبُهُ وَكَانَ هَذَا مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ أَنَّ الرَّاهِنَ. إِذَا لَمْ يَرُدَّ مَا عَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ مَلَكَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ فَأَبْطَلَهُ الْإِسْلَامُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: الرَّهْنُ الْأَوَّلُ مَصْدَرٌ وَالثَّانِي مَفْعُولٌ فِي الْغَرِيبَيْنِ أَيْ لَا يَسْتَحِقُّهُ مُرْتَهِنُهُ إِذَا لَمْ يَرُدَّ الرَّاهِنُ - مَا رَهَنَهُ بِهِ فِي الْفَائِقِ: يُقَالُ غَلِقَ الرَّهْنُ غُلُوقًا إِذَا بَقَى فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِهِ.

وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ غَلْقِ الرَّهْنِ؟ فَقَالَ: يَقُولُ إِنْ لَمْ أَفُكُّهُ إِلَى غَدٍ فَهُوَ لَكَ، وَزَادَ فِي النِّهَايَةِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُقَالُ غَلِقَ الْبَابُ وَانْغَلَقَ وَاسْتَغْلَقَ إِذَا عَسُرَ فَتْحُهُ وَالْغَلْقُ فِي الرَّهْنِ ضِدَّ الْفَكِّ فَإِذَا بَقِيَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِهِ، وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ غَلْقِ الرَّهْنِ فَقَالَ: يَقُولُ إِنْ لَمْ أَفُكُّهُ إِلَى غَدٍ فَهُوَ لَكَ وَزَادَ فِي النِّهَايَةِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُقَالُ غَلِقَ الْبَابُ وَانْغَلَقَ وَاسْتَغْلَقَ إِذَا عَسُرَ فَتْحُهُ وَالْغَلْقُ فِي الرَّهْنِ ضِدَّ الْفَكِّ فَإِذَا فَكَّ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ فَقَدْ أَطْلَقَهُ مِنْ وَثَاقِهِ (لَهُ) أَيْ لِلرَّاهِنِ (غُنْمُهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ فَوَائِدُهُ وَنَمَاؤُهُ (وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ أَدَاءُ مَا يَفُكُّ بِهِ الرَّهْنَ وَمَنْ لَا يَرَى الرَّهْنَ مَضْمُونًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ يُفَسِّرُهُ بِأَنَّ عَلَيْهِ نَفَقَتَهُ وَضَمَانَهُ إِذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ كَذَا ذَكَرَهُ عُلَمَاؤُنَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: غُنْمُهُ زِيَادَتُهُ وَغُرْمُهُ هَلَاكُهُ وَنَقْصُهُ. فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الزَّوَائِدَ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْهُ تَكُونُ لِلرَّاهِنِ وَعَلَى أَنَّهُ إِذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَكُونُ مِنْ ضَمَانِ الرَّاهِنِ وَلَا يَسْقُطُ بِهَلَاكِهِ شَيْءٌ مِنْ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَإِذَا دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ مَنَافِعَ الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ دَوَامَ الْقَبْضِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الرَّهْنِ لِأَنَّ الرَّاهِنَ لَا يَرْكَبُهَا إِلَّا وَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ. قَالَ فِي الْمُغْرِبِ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُرْجِعُ الرَّهْنَ إِلَى رَبِّهِ فَيَكُونُ غُنْمُهُ لَهُ وَيَرْجِعُ رَبُّ الْحَقِّ عَلَيْهِ بِحَقِّهِ فَيَكُونُ غُرْمُهُ عَلَيْهِ وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ قَوْلُهُ: مِنْ صَاحِبِهِ، قِيلَ: الْمُرَادُ لِصَاحِبِهِ، وَقِيلَ: مِنْ ضَمَانِ صَاحِبِهِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ ضَمِنَ، غَلَقَ مَنَعَ أَيْ: لَا يَمْنَعُ الرَّهْنُ الْمَرْهُونَ مِنْ تَصَرُّفِ مَالِكِهِ مَا ثُمَّ جِيءَ بِمَا بَعْدَهُ بَيَانًا لِذَلِكَ، وَقُدِّمَ الْخَبَرُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ تَخْصِيصًا يَعْنِي لَا يَمْنَعُ مِنْ تَصَرُّفِهِ فَلَهُ نَفْعُهُ لَا لِغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ. لَا عَلَى غَيْرِهِ وَفِيهِ أَنْ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ مِنَ الرَّهْنِ إِلَّا تَوْثِقَةُ دَيْنِهِ، وَإِنْ نَقَصَ وَهَلَكَ فَلَهُ الرُّجُوعُ إِلَى الرَّاهِنِ (رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مُرْسَلًا) أَيْ عَنْ سَعِيدٍ التَّابِعِيِّ بِحَذْفِ الصَّحَابِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>