٢٩٠٨ - وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَسْجِدِ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ، وَنَادَى كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: " يَا كَعْبُ " قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ ضَعِ الشَّطْرَ مِنْ دَيْنِكَ، قَالَ كَعْبٌ: قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ " قُمْ فَاقْضِهِ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٢٩٠٨ - (وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ) : بِفَتْحِ مُهْمَلَةٍ فَسُكُونٍ (دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ) : أَيْ طَلَبَ كَعْبٌ قَضَاءَ الدَّيْنِ الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَى ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ (فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : أَيْ فِي زَمَانِهِ (فِي الْمَسْجِدِ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا) : جَمْعِيَّةُ الْأَصْوَاتِ عَلَى حَقِيقَتِهَا وَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا كَمَا يُتَوَهَّمُ إِذِ الْمَعْنَى أَصْوَاتُ كَلِمَاتِهِمَا وَأَقْوَالِهِمَا (حَتَّى سَمِعَهَا) : أَيْ أَصْوَاتَهُمَا (رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : وَحَتَّى غَايَةُ الِارْتِفَاعِ. وَهُوَ أَيْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فِي بَيْتِهِ) : جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : أَيْ مُتَوَجِّهًا إِلَيْهِمَا وَمُقْبِلًا عَلَيْهِمَا (حَتَّى كَشَفَ) : أَيْ: إِلَى أَنْ رَفَعَ (سِجْفَ حُجْرَتِهِ) : أَيْ سُتْرَتَهَا، وَهُوَ بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِهَا وَإِسْكَانِ الْجِيمِ لُغَتَانِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ; وَهُوَ السِّتْرُ وَقِيلَ أَحَدُ طَرَفَيِ السِّتْرِ، وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: السِّجْفُ الْبَابُ وَقِيلَ: لَا يُسَمَّى سِجْفًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَشْقُوقَ الْوَسَطِ كَالْمِصْرَاعَيْنِ (وَنَادَى) : أَيْ رَسُولُ اللَّهِ (كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: يَا كَعْبُ) : اسْتِئْنَافٌ لِبَيَانِ النِّدَاءِ (قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ) : وَالْمَقْصُودُ مِنَ النِّدَاءِ التَّوَجُّهُ لِقَبُولِ الْخِطَابِ (فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ ضَعِ الشَّطْرَ) : أَيْ أَبْرِئْهُ النِّصْفَ (مِنْ دَيْنِكَ قَالَ كَعْبٌ: قَدْ فَعَلْتُ) : أَيِ امْتَثَلْتُ أَمْرَكَ (يَا رَسُولَ اللَّهِ) : فِيهِ مُبَالَغَةٌ فِي امْتِثَالِ الْأَمْرِ (قَالَ) : النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ (قُمْ فَاقْضِهِ) : أَيِ الشَّطْرَ الثَّانِي وَفِي نُسْخَةٍ بِهَاءِ السَّكْتِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنْ لَا يَجْتَمِعَ الْحَطُّ وَالتَّأْجِيلُ، قَالَ الطِّيبِيُّ: فِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ فِي الْمَسْجِدِ وَالشَّفَاعَةُ إِلَى صَاحِبِ الْحَقِّ وَالْإِصْلَاحُ بَيْنَ الْخُصُومِ، وَحُسْنُ التَّوَسُّطِ بَيْنَهُمْ، وَقَبُولُ الشَّفَاعَةِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَجَوَازُ الِاعْتِمَادِ عَلَى الْإِشَارَةِ وَإِقَامَتِهَا مَقَامَ الْقَوْلِ ; لِقَوْلِهِ فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ ضَعِ الشَّطْرَ، (فَإِنْ) فِي الْحَدِيثِ مُفَسِّرَةٌ لِأَنَّ فِي الْإِشَارَةِ مَعْنَى الْقَوْلِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute