٢٩١١ - وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ - يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنْ خَطَايَايَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نَعَمْ "، فَلَمَّا أَدْبَرَ نَادَاهُ فَقَالَ: " نَعَمْ إِلَّا الدَّيْنَ كَذَلِكَ قَالَ جِبْرِيلُ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
٢٩١١ - (وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ) : بِتَكْرَارِ قَالَ فِي نُسْخَةٍ مُصَحَّحَةٍ، أَيْ: قَالَ أَبُو قَتَادَةَ قَالَ (رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ) : أَيْ: أَخْبِرْنِي (إِنْ قُتِلْتُ) : أَيْ: اسْتُشْهِدَتْ (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) : أَيْ: فِي نُصْرَةِ دِينِهِ وَمُجَاهَدَةِ عَدُوِّهِ (مُحْتَسِبًا) : أَيْ: طَالِبًا لِلْمَثُوبَةِ لَا قَصْدًا لِلرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ (مُقْبِلًا) : أَيْ عَلَى الْعَدُوِّ (غَيْرَ مُدْبِرٍ) : حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ مُقَرِّرَةٌ لِمَا يُرَادِفُهَا نَحْوَهُ فِي الصِّفَةِ، قَوْلُكَ أَمْسَ الدَّابِرُ لَا يَعُودُ (يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنِّي خَطَايَايَ) : بِحَذْفِ حَرْفِ الِاسْتِفْهَامِ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَعَمْ، فَلَمَّا أَدْبَرَ) : أَيْ: وَلَّى عَنِ الْمَجْلِسِ (نَادَاهُ قَالَ: نَعَمْ إِلَّا الدَّيْنَ) : مُسْتَثْنًى مِمَّا تُقَرِّرُهُ نَعَمْ، وَهُوَ قَوْلُهُ يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنِّي خَطَايَايَ، أَيْ: نَعَمْ يُكَفِّرُ اللَّهُ خَطَايَاكَ إِلَّا الدَّيْنَ. وَالدَّيْنُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْخَطَايَا فَكَيْفَ يُسْتَثْنَى مِنْهُ؟ وَالْجَوَابُ: إِنَّهُ مُنْقَطِعٌ أَيْ لَكِنِ الدَّيْنُ لَمْ يُكَفَّرْ ; لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ فَإِذَا أَدَّى أَوْ أَرْضَى الْخَصْمَ خَرَجَ عَنِ الْعُهْدَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ إِلَّا خَطِيئَةَ الدَّيْنِ وَجُعِلَ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ - إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: ٨٨ - ٨٩] فَيَذْهَبُ إِلَى أَنَّ إِفْرَادَ جِنْسِ الْخَطِيئَةِ قِسْمَانِ: مُتَعَارَفٌ، وَغَيْرُ مُتَعَارَفٍ، فَيَخْرُجُ بِالِاسْتِثْنَاءِ أَحَدُ قِسْمَيْهِ مُبَالَغَةً فِي التَّحْذِيرِ عَنِ الدَّيْنِ وَالزَّجْرِ عَنِ الْمُمَاطَلَةِ وَالتَّقْصِيرِ فِي الْأَدَاءِ (كَذَلِكَ قَالَ جِبْرِيلُ) : أَيْ: هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ. قَالَ الْأَشْرَفُ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَى الْمُسَاهَلَةِ، وَحُقُوقَ الْعِبَادِ عَلَى الْمُضَايَقَةِ، وَعَلَى أَنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يُلَقِّنُهُ أَشْيَاءَ سِوَى الْقُرْآنِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute