٢٩٤٣ - وَعَنْ قَتَادَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: «كَانَ فَزَعٌ بِالْمَدِينَةِ فَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَسًا مِنْ أَبِي طَلْحَةَ يُقَالُ لَهُ: الْمَنْدُوبُ، فَرَكِبَ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: " مَا رَأَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٢٩٤٣ - (وَعَنْ قَتَادَةَ) : تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ شَهِيرٌ (قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ) : حَالٌ، وَقِيلَ مَفْعُولٌ ثَانٍ (كَانَ فَزَعٌ) : بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ: خَوْفٌ وَصِيَاحٌ (بِالْمَدِينَةِ) : بِأَنَّ جَيْشَ الْكُفَّارِ وَصَلَ إِلَى قُرْبِهَا (فَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَسًا مِنْ أَبِي طَلْحَةَ يُقَالُ لَهُ) : أَيِ: لِلْفَرَسِ (الْمَنْدُوبُ) : مِنْ نَدَبَهُ أَيْ: دَعَاهُ، وَفِي النِّهَايَةِ: " أَيِ: الْمَطْلُوبُ، وَهُوَ مِنَ النَّدْبِ الرَّهْنُ الَّذِي يُجْعَلُ فِي السِّبَاقِ "، وَقِيلَ: " سُمِّيَ بِهِ لِنَدْبٍ كَانَ فِي جِسْمِهِ وَهُوَ أَثَرُ الْجُرْحِ " (فَرَكِبَ) : أَيْ: عَلَيْهِ وَخَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ لِتَحْقِيقِ الْخَبَرِ (فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: " مَا رَأَيْنَا مِنْ شَيْءٍ ") : أَيْ: مِمَّا يُفْزَعُ بِهِ أَوْ مِنَ الْبُطْءِ الَّذِي قَالَ فِي حَقِّ الْمَنْدُوبِ (" وَإِنْ وَجَدْنَاهُ ") : أَيْ: وَقَدْ وَجَدْنَا الْفَرَسَ وَهُوَ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ (" لَبَحْرًا ") : أَيْ: وَاسْعُ الْجَرْيِ كَالْبَحْرِ فِي سَعَتِهِ، وَقِيلَ: الْبَحْرُ الْفَرَسُ السَّرِيعُ الْجَرْيِ سُمِّيَ بِهِ لِسَعَةِ جَرْيِهِ، أَيْ: جَرْيُهُ كَجَرْيِ مَاءِ الْبَحْرِ، قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: " إِنْ هِيَ الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الْمُثْقَلَةِ وَالضَّمِيرُ فِي وَجَدْنَاهُ لِلْفَرَسِ الْمُسْتَعَارِ " اهـ. فَاسْمُ إِنْ مَحْذُوفٌ وَهُوَ ضَمِيرُ الشَّأْنِ، وَلَامُ " لَبَحْرًا " فَارِقَةٌ بَيْنَهَا وَبيْنَ النَّافِيَةِ، وَقَالَ الْمُظْهِرُ: " إِنْ هَاهُنَا بِمَعْنَى " مَا " النَّافِيَةِ، وَاللَّامُ بِمَعْنَى " إِلَّا " مَا وَجَدْنَاهُ إِلَّا بَحْرًا، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: إِنْ زَيْدٌ لَعَاقِلٌ أَيْ: مَا زَيْدٌ إِلَّا عَاقِلًا " اهـ. وَهُوَ عَلَى مَا زَعَمَ الْكُوفِيُّونَ كَمَا فِي الْمُغْنِي، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ اسْتِعَارَةِ الْحَيَوَانِ، وَعَلَى إِبَاحَةِ التَّوَسُّعِ فِي الْكَلَامِ وَتَشْبِيهِ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ بِمَعْنًى مِنْ مَعَانِيهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِ جَمِيعَ أَوْصَافِهِ، وَفِيهِ إِبَاحَةُ تَسْمِيَةِ الدَّوَابِّ، وَكَانَتْ تِلْكَ مِنْ عَادَاتِهِمْ، وَكَذَا أَدَاةُ الْحَرْبِ لِيُحْضَرَ سَرِيعًا إِذَا طُلِبَ، وَفِيهِ جَوَازُ سَبْقِ الْإِنْسَانِ وَحْدَهُ فِي كَشْفِ أَخْبَارِ الْعَدُوِّ مَا لَمْ يَتَحَقَّقِ الْهَلَاكُ وَاسْتِحْبَابُ تَبْشِيرِ النَّاسِ بَعْدَ الْخَوْفِ إِذَا ذَهَبَ، وَفِيهِ إِظْهَارُ شَجَاعَتِهِ وَقُوَّةُ قَلْبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute