للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْفَصْلُ الثَّانِي

٢٩٤٤ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ.

ــ

الْفَصْلُ الثَّانِي

٢٩٤٤ - (عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ) مَرَّ ذِكْرُهُ قَرِيبًا (عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً» ") أَيْ: غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ لِمُسْلِمٍ، وَلَمْ يَتَعَلَّقْ لِمَصْلَحَةِ بَلَدَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ بِأَنْ يَكُونَ مَرْكَضَ دَوَابِّهِمْ مَثَلًا (" فَهِيَ لَهُ ") ، أَيْ: صَارَتْ تِلْكَ الْأَرْضُ مَمْلُوكَةً لَهُ، لَكِنَّ إِذْنَ الْإِمَامِ شَرْطٌ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ مُحْتَجِّينَ بِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ، وَفِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَيْسَ لِلْمَرْءِ إِلَّا مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُ إِمَامِهِ» " يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ الْإِذْنِ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُمَا فِي حَادِثَةٍ وَاحِدَةٍ، كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، قَالَ الْقَاضِي: " الْأَرْضُ الْمَيِّتَةُ الْخَرَابُ الَّذِي لَا عِمَارَةَ فِيهِ، وَإِحْيَاؤُهَا عِمَارَتُهَا، شُبِّهَتْ عِمَارَةُ الْأَرْضِ بِحَيَاةِ الْأَبْدَانِ وَتَعَطُّلُهَا وَخُلُوُّهَا عَنِ الْعِمَارَةِ بِفَقْدِ الْحَيَاةِ وَزَوَالِهَا عَنْهَا " (" وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ") بِكَسْرِ الْعَيْنِ (" ظَالِمٍ ") بِالتَّنْوِينِ فِيهِمَا صِفَةٌ وَمَوْصُوفُ (" حَقٌّ ") قِيلَ: مَعْنَاهُ مَنْ غَرَسَ أَوْ زَرَعَ فِي أَرْضٍ أَحْيَاهَا غَيْرُهُ لَمْ يَسْتَحِقِّ الْأَرْضَ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَغْرُوسُ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ الظَّالِمُ أَيْ: لِأَنَّ الظُّلْمَ حَصَلَ بِهِ عَلَى الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ، وَيُرْوَى بِالْإِضَافَةِ، فَالْمُرَادُ بِهِ الْغَارِسُ سَمَّاهُ ظَالِمًا ; لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَهَذَا الْمَعْنَى أَوْفَقُ لِلْحُكْمِ السَّابِقِ، وَقِيلَ: " مَعْنَاهُ مَنْ غَرَسَ أَوْ زَرَعَ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ بِلَا إِذْنِهِ فَلَيْسَ لِغَرْسِهِ وَزَرْعِهِ حَقُّ إِبْقَاءٍ، بَلْ لِمَالِكِهَا قَلْعُهُمَا بِلَا ضَمَانٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَلَكِ تَبَعًا لِلطِّيبِيِّ، وَقَالَ السُّيُوطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ: " الرِّوَايَةُ فِي لِعِرْقٍ بِالتَّنْوِينِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ: لِذِي عِرْقٍ ظَالِمٍ، فَجَعَلَ الْعِرْقَ نَفْسَهُ ظَالِمًا، وَالْوَصْفُ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ أَحَدُ عُرُوقِ الشَّجَرَةِ (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ) أَيْ: مُتَّصِلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>